به (١).. وقد بلغ من الشرف في قومه ما لم يبلغه أحد من قبل.
وكان عبدالمطَّلب جدُّ رسول الله يكفله، وعبدالمطَّلب يومئذٍ سيِّد قريش غير مدافَع، قد أعطاه الله من الشرف ما لم يعطِ أحداً، وسقاه زمزم وذا الهُدُم، وحكَّمته قريش في أموالها، وأطعم في الُمحل حتىٰ أطعم الطير والوحوش في الجبال.
قال أبو طالب :
ونُطعمُ حتىٰ تأكُلَ الطيرُ فضلَنا |
|
|
|
إذا جَعَلَتْ أيدي المُفيضينَ تَرْعَدُ |
|
وكان علىٰ ملَّة إبراهيم الخليل ؛ فرفض عبادة الأصنام ووحَّد الله عزَّوجلَّ، وسنَّ سنناً نزل القرآن بأكثرها، وجاءت السُنَّة من رسول الله بها وهي : الوفاء بالنذور، ومائة من الإبل في الديّة، وألَّا تنكح ذات محرم، ولاتؤتىٰ البيوت من ظهورها، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموؤدة، والمباهلة، وتحريم الخمر، وتحريم الزنا، والحدُّ عليه، والقرعة، وألَّا يطوف أحدٌ بالبيت عرياناً، وإضافة الضيف، وألَّا ينفقوا إذا حجَّوا إلَّا من طيِّب أموالهم، وتعظيم الأشهر الحُرم، ونفي ذوات الرايات (٢).
هكذا كان مجاهراً بدينه، داعياً إلىٰ الخلق الكريم والمبادئ السامية التي جاءت بها الاديان، وكان له في هذه الخصال دور لا يشاركه فيه أحد، حتىٰ أنَّ قريشاً كانت تسميه إبراهيم الثاني.
_______________________
١) انظر تفاصيل ذكره في تذكرة الخواص : ١٤.
٢) تاريخ اليعقوبي / أحمد بن أبي يعقوب ٢ : ١٠ ـ ١١ دار صادر.