وخرج برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ بُصرىٰ من أرض الشام وهو ابن تسع سنين، وقال : «والله لا أكِلك إلىٰ غيري» (١).
وتولَّىٰ العناية برسول الله والقيام بشؤونه من سنة ثمان من مولده الشريف، وحتىٰ العاشرة من النبوَّة، وذلك اثنان وأربعون سنة، وظل يدافع عن النبي ورسالته حتىٰ آخر نفس من حياته، وقد انعكست هذه الحقيقة وتجلَّى موقفه هذا في كثير من أشعاره، منها قوله :
ليعلم خيار الناس أنَّ محمداً |
|
نبيٌّ كموسىٰ والمسيح ابن مريم |
وقوله :
ألم تعلموا أنَّا وجدنا محمداً |
|
رسولاً كموسىٰ خطَّ في أوَّل الكتبِ |
وقوله في لاميَّته الشهيرة :
لقد علموا أنَّ ابننا لا مكذَّبٌ |
|
لدينا ولا يُعنَىٰ بقولِ الأباطلِ |
فأصبح فينا أحمد في اُرومةٍ |
|
تُقصِّر عنه سَورَة المتطاوِلِ |
حَدِبْتُ بنفسي دونه وحميتُه |
|
ودافعت عنه بالذُّرا والكلاكلِ |
فأيَّده ربُّ العباد بنصره |
|
وأظهرَ ديناً حَقُّهُ غيرُ باطلِ (٢) |
وتوفِّي أبو طالب بعد وفاة خديجة بثلاثة أيَّام ـ أي قبل هجرة الرسول من مكَّة إلىٰ المدينة بثلاث سنين ـ في شوال أو في ذي القعدة، وله ست وثمانون سنة، وقيل بل تسعون (٣)، وسمَّىٰ النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا العام بعام
_______________________
١) أنظر تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤.
٢) أنظر : السيرة النبوية / ابن هشام ١ : ٢٢٩ ـ ٢٣٥، دار الفكر، ١٤١٥هـ.
٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥.