عند ذلك استرجع الإمام وقال : « اللَّهمَّ اشهد »، ثُمَّ لبس درع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقلَّد سيفه ورفع راية رسول الله السوداء المسمَّاة بالعقاب؛ فدفعها إلىٰ ولده محمَّد بن الحنفية.
وتقابل الفريقان للقتال، فخرج الزبير، وخرج طلحة بين الصفَّين، فخرج إليهما عليٌّ، حتىٰ اختلفت أعناق دوابِّهم، فقال عليٌّ عليهالسلام : « لعمري قد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً إن كنتما أعددتما عند الله عذراً، فاتَّقيا الله، ولا تكونا ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ) (١).
ألم أكن أخاكما في دينكما، تُحرِّمان دمي، وأُحرِّم دمكما، فهل من حدثٍ أحلَّ لكما دمي »؟!
قال طلحة : ألَّبت علىٰ عُثمان.
قال عليٌّ : « ( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ )، يا طلحة، تطلب بدم عُثمان؟! فلعن الله قتلة عُثمان، يا طلحة، أجئت بِعرس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تقاتل بها، وخبَّأتَ عرسك في البيت! أما بايعتني؟! ».
قال : بايعتك والسيف علىٰ عنقي!
فقال عليٌّ عليهالسلام للزبير : « يا زبير، ما أخرجك؟ قد كنَّا نعدُّك من بني عبدالمطَّلب حتىٰ بلغ ابنك ابن السوء (٢)، ففرَّق بيننا » وذكَّره أشياء، فقال : « أتذكر يوم مررت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بني غنم، فنظر إليَّ، فضحك، وضحكت إليه، فقلتَ له : لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك : ليس به
_______________________
١) سورة النحل : ٩٢.
٢) يريد ابنه عبدالله.