الوليد علىٰ كتف رسول الله ليلقي بها أرضاً ، تحت بطون الأقدام ! !
تلك ولادة أكرمه الله بها ، فشاركته أمُّه الكريمة في فخرها . .
إنَّ أُمَّه فاطمة بنت أسد لمَّا ضربها الطلق ، جاءت متعلِّقة بأستار الكعبة الشريفة ، من شدة المخاض ، مستجيرة بالله وَجِلةً ، خشية أن يراها أحد من الذين اعتادوا الاجتماع في أُمسياتهم في أروقة البيت أو في داخله ، فانحازت ناحية وتوارت عن العيون خلف أستار البيت ، واهِنةً مرتعشة أضنتها آلام المخاض ؛ فألصقت نفسها بجدار الكعبة وأخذت تقول :
« يا ربِّ ، إنِّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنِّي مصدِّقة بكلام جدِّي إبراهيم وأنَّه بنىٰ البيت العتيق ، فبحقِّ الذي بنىٰ هذا البيت وبحقِّ المولود الذي في بطني إلَّا ما يسرت عليَّ ولادتي » .
قال يزيد بن قعنب : فرأيت البيت قد انشقَّ عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا وعاد إلىٰ حاله ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنَّ ذلك من أمر الله تعالىٰ ، ثُمَّ خرجت في اليوم الرابع وعلىٰ يدها أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام (١) .
وهو حديث جدير كذلك أن يخلّده الشعراء :
أنشد الحميري ( ت ١٧٣ هـ ) :
وَلدَتْهُ في حرم الإله وأمنه |
|
والبيت حيث فناؤه والمسجد |
بيضاء طاهرة الثياب كريمة |
|
طابت وطاب وليدها والمولد |
ما لُفَّ في خِرَقِ القوابِل مِثلُه |
|
إلّا ابن آمنةَ النبيِ محمّد |
_______________________
١) كشف الغمَّة ١ : ٦٠ .