وانجلت الحرب بانجلاء الخوارج وهلاكهم، وقد روىٰ جماعة أنَّ عليَّاً عليهالسلام كان يحدِّث أصحابه قبل ظهور الخوارج، أنَّ قوماً يخرجون ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة، علامتهم رجل مُخدَج اليد، سمعوا ذلك منه مراراً (١).
فقال الإمام عليهالسلام : « اطلبوا ذي الثُديَّة »، فقال بعضهم : ما نجده، وقال آخرون : ما هو فيهم، وهو يقول : « والله إنَّه لفيهم! والله ما كذبتُ ولا كُذبتُ » وانطلق معهم يفتِّشون عنه بين القتلىٰ حتىٰ عثروا عليه، ورأوه كما وصفه لهم، قال : « الله أكبر، ما كذبتُ ولا كُذبت، لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قصَّ الله علىٰ لسان نبيِّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن قاتلهم، مستبصراً في قتالهم، عارفاً للحقِّ الذي نحن عليه » (٢).
وقال عليهالسلام حين مرَّ بهم وهم صرعىٰ : « بؤساً لكم! لقد ضرَّكم من غرَّكم »!
قالوا : يا أمير المؤمنين مَنْ غرَّهم؟
قال : « الشيطان وأنفسٌ أمَّارة بالسوء، غرَّتهم بالأماني، وزيَّنت لهم المعاصي، ونبَّأتهم أنَّهم ظاهرون » (٣).
فقالوا : الحمد لله ـ يا أمير المؤمنين ـ الذي قطع دابرهم، فقال عليهالسلام : « كلا والله، إنَّهم نطف في أصلاب الرجال، وقرارات النساء » (٤)!
_______________________
١) أنظر أخبار المخدج في : إعلام الورىٰ ١ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩، الكامل في التاريخ ٣ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣.
٢) أنظر قصَّة مقتل ذي الثُديَّة في : الكامل في التاريخ ٣ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣، البداية والنهاية ٧ : ٣٢٠، سير أعلام النبلاء (سيرة الخلفاء الراشدين) : ٢٨٢، وأخرج مسلم ٣ : ١١٦.
٣) الكامل في التاريخ ٣ : ٢٢٣.
٤) نهج البلاغة، الخطبة : ٦٠.