القبائل كلِّها ، فلم يقدر آله وعشيرته علىٰ حرب قومهم جميعاً ، فيصعب الثأر له . . فتفرَّقوا علىٰ ذلك بعد أن اتَّفقوا علىٰ الليلة التي يهاجمونه فيها وهو في فراشه .
فأتىٰ جبرائيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبره بمكيدة قريش وأحلافها ، كما تشير إلىٰ ذلك الآية : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (١) .
ومكر الله في الآية يعني : أنَّه سبحانه قد فوَّت عليهم مكرهم وتخطيطهم بما أخبر به نبيَّه ، وبما أمره به من الخروج في تلك الليلة ، ومبيت علي عليهالسلام علىٰ فراشه ليفوّت عليهم تدبيرهم الذي أجمعوا عليه .
ولما علم عليٌّ عليهالسلام بتخطيط قريش لاغتيال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بكىٰ ، ورحَّب بالمبيت في فراشه فداءً له وللإسلام وقال له : « أو تَسْلَم أنت يا رسول الله إن فديتك بنفسي » ؟ قال له صلىاللهعليهوآلهوسلم : « نعم ، بذلك وعدني ربِّي » فانشرح صدره لسلامة أخيه رسول الله .
وشاءت الأقدار أن يفتح عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام صفحةً مشرقةً من بطولاته لأنَّه تلميذ الرسالة الحقَّة وربيب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسليل بني هاشم ، وتقدّم مطمئن النفس ، رابط الجأش ، متَّشحاً ببرد الرسول الحضرمي ، ونام ثابت الفؤاد لا يخاف في الله لومة لائم .
وكان ذلك سبباً لنجاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحفظ دمه ، ولولا فداء أمير المؤمنين نفسه للرسول لما تمَّ تبليغ الرسالة والصدع بأمر الله تعالىٰ .
_______________________
١) سورة الأنفال : ٣٠ .