أعظم الناس جهاداً في سبيله وأكثرهم معرفة بشريعته وعملاً باحكامها وإحياءً لمعالمها.. فجاءت سيرته تجسيداً لرسالة الإسلام، بل كانت إسلاماً يتحرك على الأرض.. انه الكتاب الناطق والسنة الحية.
لقد كان علي عليهالسلام قمةً في كلّ شيء، ينحدر عنه السيل، ولا يرقى إليه الطير، استغنى عن الكل، واحتاج الكل إليه، لكنه عاش في مجتمعٍ عزّ وجود من يفهمه فيه، فكان يقودهم إلى مبادئ الحق ومعارج الكمال، وكانوا يريدونه لدنياهم وشهواتهم ولذاتهم، قال عليهالسلام : « ليس أمري وأمركم واحداً، انني اُريدكم لله، وتريدونني لأنفسكم » وكان يتفجّر علماً لم يجد له حملة، قال عليهالسلام : « إن ها هنا لعلماً جماً لو أصبت له حملة ».
ورغم هذا وذاك، فقد أضحى عليٌ عليهالسلام مناراً أبدياً وراية خالدة ترفعها البشرية على اختلاف ألوانها وأديانها، لأنه إمام الإنسانية الذي يقول : « الناس صنفان : أخ لك في الدين، ونظير لك في الخلق ».
إن مسؤولية الانتماء إلى علي عليهالسلام تدعونا إلى الاجتهاد في طاعة الله والتواصل على خط العفة والورع والسداد، والاقتداء ببعض جوانب سيرته، ذلك لأن تجسيد شخصيته الموسوعية الهائلة بكل أبعادها أمرٌ دونه خرط القتاد، فهو القائل عليهالسلام : « ألا وان لكل مأموم إماماً، يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طُعمه بقرصيه، ألا وأنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد ».
ومن هنا فإن اصدارنا هذا تكفل بتغطية بعض مفردات تلك السيرة العطرة، باسلوب واضح يتبع المنهج العلمي الدقيق، موثقاً بالمصادر المعتبرة.
ندعو من الله العزيز أن ينفع به الأخوة المؤمنين، وهو تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
مركز الرسالة