(هذا) وقد ذكر المحب الطبري في الرياض النضرة (ج ١ ص ١٥٢) جملة من الأحاديث التي قد تمسك بها الشيعة لخلافة علي عليه السلام بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم بلا فصل ، فذكر حديث المنزلة وحديث الغدير ، ثم قال : ومنها ـ وهو أقواها سنداً ومتناً ـ حديث عمران بن حصين إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي (إلى أن قال) وحديث بريدة لا تقع في علي فانه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي.
] أقول] إن المحب الطبري وإن بالغ في حديث عمران وبريدة فجعلهما أقوى سنداً ومتناً من أحاديث المنزلة وأحاديث الغدير ، ولكن مع ذلك كله كلامه لا يخلو عن شهادة بقوة سندهما ومتنهما جداً ، هذا كله حال السند.
] واما الدلالة] فهي ظاهرة جداً بعد ملاحظة القرينة اللفظية المتصلة بالحديث الشريف وهي كلمة من بعدي ، وتوضيحه : إن للفظ الوالي في اللغة معاني متعددة كالمحب والصديق والناصر والجار والحليف وغير ذلك ، ومن أظهر معانيه وأشهرها هو مالك الأمر فكل من ملك أمر غيره بحيث كان له التصرف في أموره وشئونه فهو وليه ، فالسلطان ولي الرعية أى يملك أمرهم وله التصرف في أمورهم وشئونهم والأب أو الجد ولي الصبى أو المجنون أي يملك أمره وله التصرف في أموره وشؤونه ، وهكذا ولي المرأة في نكاحها أو ولي الدم أو الميت ، (وقد يقال) إن الولي قد جاء بمعنى الأولى بالتصرف فالسلطان ولي الرعية والأب أو الجد ولي الصبى أو المجنون ، وهكذا إلى غيرها من الأمثلة يكون بهذا المعنى أي أولى بالتصرف ، ويؤيده في المقام ورود بعض أخبار الباب كما تقدم بلفظ قوله : فهو أولى الناس بكم بعدي (كما قد يقال) إن الولي قد جاء بمعنى المتصرف فالسلطان مثلاً ولي الرعية يكون بهذا المعنى أي هو المتصرف في أمورهم وهكذا ولي الصبي وغيره ، وعلى كل حال إن الولي بما له من المعنى المعروف الظاهر المشهور ـ سواء عبرنا عنه بمالك الأمر أو بالأولى بالتصرف أو بالمتصرف ـ لا يكاد يطلق إلا على كل من له تسلط وتفوق على غيره وكان له التصرف في أموره وشؤونه ، ثم من المعلوم أن إرادة