احتجنا الى الترطيب. وذلك أنّا نحتاج في ترطيب البدن ، أو العضو الذي قد جف الى مدة من الزمان أطول بأضعاف كثيرة من المدة التي نحتاج اليها في تجفيف البدن من قبل أن العروق في اليبس ينضم بعضها الى بعض ، وتضيق من أجل سبب اليبس للرطوبة التي فيها. وإذا ضاقت العروق ، لم يكن يصل اليها الغذاء الذي يرى فيها تلك الرطوبة التي عدمت. فلهذا قال جالينوس ان برءه عسر ، لكن الرطوبة انما ترجع الى البدن بالأغذية الرطبة ، والتدبير المرطّب من بعد طول تكرار ومعالجة و >استقصاء<. وبعد أن يسلك له في تدبيره هذا الطريق ، وهو أن يقصد أولا الى مضجع العليل فيجعل في موضع قريب من الحمام ، ويحمل في كل غذاه على (شيء ما) حتى ندخله الحمام فتجعله عليها كيما / لا يخف لنفسه / ( ... ) ولا يضعف ، ويلبث في الأبرد أكثر مدة ، لأنه في الحمام ، ولا يكون له في هوائه كثير لبث ، وذلك أن هواء الحمام أقوى بأن يخوّف ، وكذلك ينبغي أن تكون الأبزن ، غير بعيد من نار الحمام ، وينبغي أن يكون ماء الأبزن ماء عذبا. فيكون مع ذلك فعند المزاج غاية الاعتدال ، على ما يهواه المريض ويلتذّه ، وذلك أنه إذا التذّه ، استدعى من الطبيعة الانبساط الى جميع أقطار البدن ، بخلاف ما يعرض لها عند ملاقاة الأشياء المؤذية. وينبغي أن يسقى بعد الحمام من غلب على مزاج معدته اليبس اللبن / وأوفق اللبن / لبن النساء.
وإن لم يردّه المريض فينبغي أن يسقى مكانه لبن الأتن جبّن بحليب. ويتوخى فيه ما أمكن ألاّ يلقى الهواء فإنك إذا توخيت ذلك لم يتجبّن في المعدة. فإن لقي اللبن الهواء بسبب أن المريض يتقزّز الرضاع من الثدي ، فتوخى أن تكون ملاقاته له أقل ملاقاة ، وذلك أن حال اللبن مثل حال المني ، وتغيّره من خارج عن طبيعته إذا خرج عن أوعيته المخصوصة بها فإن خفت أن يتجبّن لملاقاته الهواء من خارج فاخلط معه شيئا من عسل قدر ملعقة. وينبغي لمن بعد استمراء من غلب عليه اليبس غلبه في معدته اللبن ، أن يدخل الحمام مرة ثانية ، ودليل ( ستمرائه ) أن يتجشأ المريض ولا يجد طعم اللبن ، ولا نجد في معدته نفخا ، وإن كان ممن يحب الحمام فينبغي أن يدخل ثالثة أيضا. وإن لم يكن ممن يحب الحمام فلا أقل من أن يقسّم