وفيه أيضا ليف آخر ممدود بالطول على الاستقامة ، منحدر من أعلاه الى أسفله ، وإنما جعل ذلك كذلك لحاجة المعدة الممدودة بالطول يقوم لها مقام المريء ، تجذب به ما احتاجت الى جذبه ، وتحتاج أن تدفع ما يحتاج اليه دفعة بالقوة ، فصارت تفعل ذلك بالليف المحيط بها عرضا. ولها صفاق ثالث غليظ ثخين ممدود من الغشاء الممدود على البطن ، وهذا الصفاق الثالث يحتوي على المعدة ، ويحيط بها من وراء الصفاقين اللذين ذكرناهما. وإنما جعل غليظا ثخينا ليكون وقاية للصفاق اللحمي الذي هو خارج ولها أغشية ثلاثة. الا أن الغشاء الثالث هو أثخن وحوزها ذا الغشاء الممدود على البطن يصعدان من ناحية الصلب من الجانبين ، ثم يلتقيان عند حدبة المعدة ويلتقي عرقان أحدهما ضارب والآخر غير ضارب ممدودان وطول المعدة والمدخل الأعلى الذي هو فم المعدة أوسع من الثقب الأسفل الذي هو مخرج الطعام ليسهل للمزدرد اللقمة لعظم المدخل. وأما ضيق أسفلها ، ولأن الطعام لا يخرج من ثقبها الا بعد الطحن ، والهضم لأن ضيق أسفلها ، يمنع من أن تعود الأشياء منه سريعا. وتحتاج المعدة أن تنضم حتى لا ينفذ فيها شيء. فاذا احتيج الى أن ينفخ لينفذ فيه فينحدر ما قد انهضم لم يحتج في ذلك الى سعة كبيرة لانهضام ما يمر فيه ، وهو عندهم كالبواب الذي يفلق الباب مرة ويفتحه أخرى ، بحسب الحاجة الى ذلك ويتصل بأسفل المعدة حيث هذا الثقب منها أول الأمعاء ، وهو معاء يسميه الأطباء : بذي اثنى عشر اصبعا ، لأن هذا مقدار طوله. وهو منتصب قائم في مقام طول الصلب.
ومقدار تجويفه بمقدار فتح الثقب المعروف بالبواب. وانما جعل هذا المعاء قائما منتصبا ، لئلا يلتف ويستدير ، كما يلتف ما دونه من سائر ما يلتف من الأمعاء ، لئلا يستغل الموضع الذي بين المعدة والامعاء ، ثم يتلو هذا المعاء الذي جعل طريقا فيما بين المعدة وبين الأمعاء ما دونهما من الأمعاء الدقاق ثم الأمعاء الغلاظ. والأمعاء الدقاق جعلت آلة لتنفيذ الغذاء الى الكبد والغلاظ منها جعلت مع ذلك لتنفيذ الثقل حتى يخرج.
وقد زعم جالينوس :
أن في بعض الحيوان قد جعل في ذلك الموضع لحم كالغدة ليزداد ذلك