هارون ، لكن الأنسب حينئذٍ الماضي ، والأظهر أحد ما ذكرنا من الوجهين) ..) (١). إلى هنا كلام المجلسي قدسسره في حاشية (أُصول الكافي).
وأقول والله المستعان ـ : لا يخفى بُعدُ ما ذكره في الغاية :
أمّا أولاً ، فقوله : (المراد : السنون القمرية وأنّها تامّة بحسب العرف) ، إنْ أراد عرف أهل الحساب كما هو ظاهر سياق كلامه فممنوع ؛ لأنّ إلغاء الكسر عندهم لم يعهد في عداد السنين ، بل ذلك في عداد الدقائق بالنسبة إلى الساعات وفي عداد الأيام بالنسبة إلى الشهور خاصة كما يظهر بالتتبّع ، أمّا السنون بالنسبة إلى الشهور خصوصاً مثل هذا الكسر الكثير الفاحش ـ [فممنوع] ، وإن أراد عرف اللغة فمنعه أظهر.
على أن قوله عليهالسلام لا يزيد يوماً ولا ينقص يوماً يدفع هذا الاحتمال ؛ إذ لو بناه على العرف لما قيّده بذلك ؛ لظهور منافاته له.
وأمّا ثانياً ، فلأنّ إمكان عدم الزيادة والنقصان فيما قدّره الله للإمام من الأجل المحتوم فظاهرٌ أنه لا يطابق السؤال ، بل ليس فيه جواب للسائل المستدلّ على إمامته بمطابقة ما عنده لجوابه أصلاً ، مع أن قوله عليهالسلام لا يزيد يوماً إلى آخره نصّ في نفي كونه مبنيّاً على التخمين والتقريب ، على أن التخمين لا ينطق عنه من لا ينطق عن الهوى. وكون لا يزيد ولا ينقص استئنافاً يخالف ظاهر الحديث ، وليس فيه قرينة تدلّ عليه ، ولا حرف إضراب. هذا ، مع أنه على هذا فيه نوع إلباس على السائل المسترشد ، وليس في كلام المعصوم إلباس ولا ظنّ ولا تخمين ولا مجازفة ولا مماشاة ، فإنّ في الحقّ سعةً وغنى عن الباطل. بل صريح الحديث أن لا تزيد ولا تنقص صفة لثلاثين.
وما نقله عن بعض الفضلاء مثله في الضعف ؛ إذ ليس في الحديث إشعار به بوجه أصلاً ، بل هو أبعد عن لفظه (٢) ممّا بين المشرقين. وإنّما غرض السائل أن يستعلم هل أمير المؤمنين عليهالسلام يعلم ما في (التوراة) من ذلك أم لا؟ فالجواب لا يكون إلّا طبق
__________________
(١) مرآة العقول ٦ : ٢٢٠ ٢٢١.
(٢) بأبعد. (هامش المخطوط).