عالم بما اتي إلى أهل صفوتك وأحبائك من الامر الذي لا تحمله سماء ولا أرض ولو شئت لانتقمت منهم ، ولكنك ذو أناة وقد أمهلت الذين اجترؤوا عليك وعلى رسولك وحبيبك ، فأسكنتهم أرضك ، وغذوتهم بنعمتك ، إلى أجل هم بالغوه ، و وقت هم صائرون إليه ، ليستكملوا العمل الذي قدرت ، والاجل الذي أجلت ، لتخلدهم في محط ووثاق ونار ، وحميم وغساق ، والضريع والاحراق ، والاغلال والاوثاق ، وغسلين وزقوم وصديد ، مع طول المقام في أيام لظى وفي سقر ، التي لا تبقى ولا تذر ، وفي الحميم والجحيم (١).
ثم تنكب على القبر وتقول : يا سيدي أتيتك زائرا موقرا من الذنوب أتقرب إلى ربي بوفودي إليك ، وبكائي عليك وعويلي وحسرتي وأسفي وبكائي وما أخاف على نفسي رجاء أن تكون لي حجابا وسندا وكهفا وحرزا وشافعا ووقاية من النار غدا ، وأنا من مواليكم الذين اعادي عدوكم واوالي وليكم على ذلك أحيا وعليه أموت ، وعليه ابعث إنشاء الله ، وقد أشخصت بدني وودعت أهلي وبعدت شقتي ، واؤمل في قربكم النجاة ، وأرجو في إتيانكم الكرة ، و أطمع في النظر إليكم وإلى مكانكم غدا في جنان ربي مع آبائكم الماضين.
وتقول : يا أبا عبدالله يا حسين بن رسول الله جئتك مستشفعا بك إلى الله اللهم إني أستشفع إليك بولد حبيبك ، وبالملائكة الذين يضجون عليه ويبكون ويصرخون ، لا يفترون ولا يسأمون وهم من خشيتك مشفقون ، ومن عذابك حذرون لا تغيرهم الايام ، ولا يهرمون في نواحي الحير يشهقون ، وسيدهم يرى ما يصنعون ومافيه يتقلبون ، قد انهملت منهم العيون فلا ترقأ ، واشتد منهم الحزن بحرقة لا تطفأ ، ثم ترفع يديك وتقول :
اللهم إني أسئلك مسألة المسكين المستكين ، الذليل الذي لم يرد بمسكنته غيرك ، فان لم تدركه رحمتك عطب ، أسألك أن تداركني بلطف منك ، فأنت الذي لا تخيب سائلك ، وتعطي المغفرة وتغفر الذنوب ، فلا أكونن ياسيدي أنا
__________________
(١) نفس المصدر ص ٢٣٩ ـ ٢٤١.