وبين اهلها ، وقتل من الفريقين خلق كثير ، ومع ذلك لم يبلغوا التتار غرضهم حتى وقع الاختلاف بين اهل اصبهان فى سنة ثلث وثلثين وستمأة وهم طائفتان حنفية ، وشافعية ، وبينهم حروب متصلة ، وعصبية ظاهرة فخرج قوم من اصحاب الشافعى الى من يحاورهم من التتار فقالوا لهم اقصدوا بلدنا حتى نسلمه اليكم وكان ذلك فى سلطنة ابن چنكيز خان قاآن ، فارسل جيوشا نزلوا على اصبهان فى سنة ثلث وثلثين المذكورة فحصروها فاختلف سيفا الشافعية والحنفية فى المدينة حتى قتل كثير منهم ، وفتحت ابواب المدينة. فتحها الشافعية على عهد كان بينهم وبين التتار ان يقتلوا الحنفية. ويعفو عن الشافعية فلما دخلوا البلد قتلوهما جميعاً وبدأوا بالشافعية فقتلوهم قتلا ذريعاً ولم يقفوا مع العهد الذى عهدوه لهم ثم قتلوا الحنفية ثم قتلوا سائر الناس. وسبوا النساء وشقوا بطون الحبالى. ونهبوا الاموال. وصادروا الاغنياء ثم اضرموا النار فاحرقوا اصبهان حتى صارت تلو لا من الرماد (١) وامثال هذه الحادثة بين ارباب المذاهب ليست بقليلة ، مثل الفتنة الكبرى التى هاجت ببغداد لاختلاف الحنابلة وغيرهم فى معنى قوله تعالى « عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً » فقالت الحنابلة ؛ معناها يقعده الله على عرشه ، وقال غيرهم بل هى الشفاعة ـ ودام الخصام ، واقتتلوا حتى قتل جماعة كثيرة (٢) ومع ذلك لا لوم على جميع اهل هذه المذاهب ، انما اللوم والذنب على سفهائهم ، وجهالهم ، وعلى الذين اتخذوا هذه المذاهب سبباً للاختلاف والتفرقة بين المسلمين وتفسق غيرهم من ساير الفرق ، وجعلوها وسيلة
ــــــــــــ
(١) شرح نهج البلاغة الحديدى ـ ج ٨ ـ ص ٤٦٤.
(٢) تاريخ الخلفاء ص ٢٥٥.