دجلة. وضياع الكتب ما قل نظيره فى تاريخ العمران ولم تكن خسارة الشيعة فى هذه الكارثة ـ لافى بغداد ـ ولا فى غيرها من بلاد خراسان وما وراء النهر ـ باقل من خسارة اهل السنة فقتلوا فيمن قتل ، وكان فى القتلى من الاشراف والفاطميين ما لا يحصى.
وكان من اقوى اسباب انهزام المسلمين (١) ما حدث بينهم من المنازعات والحروب الداخلية. والرغبة فى الملك والسلطان ، وانهما كهم فى المعاصى والشهوات ، وضعف الخلفاء فى تدبير الامور (٢) وظهور العصبيات الباردة فى المسائل الكلامية والخلافات المذهبية (٣) واشتغال ارباب
ــــــــــــــ
(١) من الجدير بالذكر : ان اسباب هذه الفاجعة لم تتولد جميعها فى زمن المستعصم وانما كان لها جذور تاريخية ذات صلة وثيقة بحصول هذه المأساة نجمت واكتمل نموها فى زمن الخليفة المذكور فأدت الى ما ادت اليه من الفظائع والالام.
وكان عدم قيام خلافة هؤلاءِ الخلفاءِ على اسسها الرشيدة الاسلامية عنصر شر كبير فى وقوع هذه الكوارث والمحن التى قضت على عزة الاسلام وتقدم المسلمين فلم يكن المنهج الذى انتهجوه فى سياسة الحكم المال وغيرها موافقا لمنهج الاسلام العادل فى الحكم والمال بل جددوا سيرة السلاطين والملوك الاكاسرة والقياصرة ، وشر من هؤلاءِ منصوب حكوماتهم واعتبرها شرعية ولم ينكر عليهم وترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
(٢) فالخليفة العباسى الناصر لدين الله هو الذى يقال انه كاتب التتار ، واطمعهم فى البلاد (راجع تاريخ الكامل ج٩ ص٣٦١ ، وابن كثير ج١٣ ص١٠٧ ، والاعلام للزر كلى ج١ ص١٠٦ ، وروضة الصفا ج٥ ص٧٨ و ٧٩)
(٣) قال الصفدى فى الوافى بالوفيات (ج١ ص٢٨٠) فى ترجمة البروى ـ