الدين صاحب الموصل اهدى اليه هدية تشتمل على كتب ، وثياب ، ولطائف قيمتها عشرة آلاف دينار فلما وصلت الى الوزير حملها الى حدمة الخليفة وقال : ان صاحب الموصل قد اهدى لى هذا ، واستحييت منه ان ارده اليه ، وقد حملته ، واسأل قبوله فقبل. ثم انه اهدى الى بدر الدين عوض هديته شيئاً من لطائف بغداد قيمته اثنا عشر الف دينار والتمس منه ان لا يهدى اليه شيئاً بعد ذلك.
وكان خواص الخليفة جميعاً يكرهونه ، ويحسدونه ، وكان الخليفة يعتقد فيه. ويحبه. وكثروا عليه عنده فكف يده عن اكثر الامور. ونسبه الناس الى انه خامر ، وليس ذلك بصحيح وقال (١) : وفى آخر ايامه قويت الاراجيف بوصول عسكر المغول صحبة السلطان هلاكو فلم يحرك ذلك منه « يعنى المستعصم » عزما ولا نسبه منه همة ، ولا احدث عنده هما وكان كلما سمع عن السلطان من الاحتياط ، والاستعداد شىء ظهر من الخليفة نقيضه من التفريط والاهمال « الى ان قال » وكان وزيره مؤيد الدين ابن العلقمى يعرف حقيقة الحال فى ذلك ، ويكاتبه بالتحذير والتنبيه ويشير عليه بالتيقظ والاحتياط ، والاتسعداد ، وهو لا يزداد الا غفولا ، وكان خواصه يوهمونه انه ليس فى هذا كبير خطر « الخ ».
وليس عندى ببعيد ان نسبة الخيانة الى الوزير العلقمى صدرت اولا من بعض المتعصبين كما اسلفنا الايعاز اليه ثم نقلها بعض الشيعة ممن جرح عواطفهم ما صدر من العباسيين ، وعمالهم على الشيعة من سلب الحرية والاضطهاد ، والقتل ، والتعذيب مما تقشعر من ذكره الابدان فكانه اراد بنقل ذلك شفاء ما فى صدره من هذه الاعمال الفجيعة ، والسياسات الظالمة
ـــــــــــــ
(١) ص ٢٤٤.