يقتل إلاّ أنّه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو؟
فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (١).
ففسّر النبيّ (المُجاهِدون) من المؤمنين الّذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنّة ، وقال (التَّائِبُونَ) من الذنوب (الْعَابِدُونَ) الّذين لا يعبدون إلاّ الله ولا يشركون به شيئا (الْحَامِدُونَ) الّذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء (السَّائِحُونَ) وهم الصائمون (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) الّذين يواظبون على الصلوات الخمس الحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها (الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بعد ذلك والعاملون به (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) والمنتهون عنه ، قال : فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة.
ثمّ أخبر تبارك وتعالى أنّه لم يأمر بالقتال إلاّ أصحاب هذه الشروط ، فقال عزّ وجلّ : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللّه) (٢) وذلك أنّ جميع ما بين السماء والأرض لله عزّ وجلّ ولرسوله ولأتباعه من المؤمنين من أهل هذه الصفة ، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله والمؤمنين والمولّي عن طاعتهما مما كان في أيديهم ، ظَلَمُوا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم عليه ، مما أفاء الله على
________________
١ ـ التوبة : ١١٢.
٢ ـ الحجّ : ٣٩ ـ ٤٠.