قال : فتجزع؟
قلت : إي والله وأستعبر لذلك حتّى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ فأمتنع مِن الطّعام حتّى يستبين ذلك في وجهي.
قال عليهالسلام : رحم الله دمعتك ، أما إنّك من الّذين يُعَدُّون من أهل الجزع لنا ، والّذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا أمنّا ، أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملك الموت بك ، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل ، ولَمَلَكُ الموت أرقُّ عليك وأشدُّ رحمةً لك من الاُمّ الشفيقة على ولدها ... (١).
وعن محمّد بن مسلم : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : هل تأتي قبر الحسين عليهالسلام؟ قلت : نعم ؛ على خوف ووَجَل ، فقال : ما كان في هذا أشدُّ فالثوابُ فيه على قدرِ الخوف ، ومن خاف في إتيانه آمَنَ الله روعته يوم القيامة يوم يقوم النّاس لربّ العالمين ، وانصرف بالمغفرة ، وسلّمت عليه الملائكة ، وزاره النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ودعا له ، وانقلب بنعمةٍ من الله وفَضلٍ لم يَمْسسه سوءٌ وأُتّْبِعَ رضوان الله (٢).
وعن عبد الله بن حمّـاد البصريّ : عن أبي عبد الله عليهالسلام ... قال : فقلت له : جعلتُ فداك قد كنتُ آتيه حتّى بليتُ بالسلطان وفي حفظ أموالهم وأنا عندهم مشهورٌ ، فتركتُ للتقيّة إتيانه ، وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير.
فقال عليهالسلام : هل تدري ما فضل من أتاه وما له عندنا من جزيل الخير؟ فقلت : لا ، فقال : أمّا الفضل فيباهيه ملائكةُ السماء ، وأمّا ما له عندنا فالترّحم عليه كلّ صباحٍ ومساءٍ.
ولقد حدَّثني أبي أنّه لم يخلُ مكانه منذ قُتِل من مُصَلّ يصلّي عليه من
________________
١ ـ كامل الزيارات : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ / ٢٩١.
٢ ـ كامل الزيارات : ٢٤٤ / ٣٦٣ ، و ٤٦٢ / ٧٠٥.