وحيث عرفنا بأن رواة الحديثين ثقات ، فيجب أن نقول بأنّ حديث النبيّ مجمل وحديث الإمام علي مُبَيِّن له ، لأن زيادة الثقة مقبولة عند أهل الحديث إجماعا ، ولا شبهة في تقديم المبيَّن على المجمل في الأخذ ، أو ارجاع المجمل إلى المبيَّن ، والأَخذ بالأَظهر مع وجود الظاهر ، وبذلك يكون معنى الحديث : أن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم من شيعة أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب ، وهؤلاء يحشرون من جَنْب نهر كربلاء ، لأنَّهُ ليس هناك من يدفن أو يسكن إلاّ وهو من شيعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب.
ويشهد لما نقوله ما أخرجه الخطيب البغدادي في «المتفق والمفترق» بسنده عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله :
يدخل الجنة من أمّتي سبعون ألفا بلا حساب ، ثمّ ألتفت إلى عليٍّ فقال : هم شيعتك وأنت إمامهم (١).
هذا عن الذين يحشرون من ظهر كربلاء ، فما يعني اقتران شم بعر الغزلان بدخول سبعين ألفا الجنة بغير حساب؟
الجواب : جاء عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، حيث قال لابن عبّاس :
يابن عبّاس ، اطلب لي حولها [حول التربة الّتي يدفن فيها الحسين عليهالسلام] بَعَر ظباء ، فوالله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ قَطّ ، وهي مصفرَّة ، لونها لون الزعفران ... تعلم يابن عبّاس ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمَّمها عيسى بن مريم ، وذلك أنّه مَرَّ بها ومعه الحواريون ، فرأى هذه الظباء مجتمعة ، فأقبلت إليه الظباء وهي تبكي ، فجلس عيسى عليهالسلام وجلس الحواريون ، فبكى وبكى الحواريّون ... قال [عيسى عليهالسلام] : هذه أرض يُقتل فيها فرخ الرسول أحمد ، وفَرْخ الحرّة
________________
١ ـ المتفق والمفترق ٢ : ١٦ ترجمة : عمرو بن حريث الكوفي.