إذن حياة رجلٍ كالنبي محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآله في مجتمع جاهليّ لا يعرف أبسط الأُمور مليئة بالمتاعب والمصائب لما تكفل به من التكليف الباهض الذي هو أمر شاقّ جدّا جدّا ، خصوصا وأنّ مهمته هداية اولئك الجهلة وعل قدر عقولهم.
فلو نظرت لنفسك وعرفت بأنّك محكوم بالعيش مع اُناسٍ لم يدركوا قدرك ولم يفهموك ، ومع ذلك عليك أن تهديهم وأن تعلمهم ، فهم لا يعرفون أبسط الأشياء وأنت تعلم کل شيء ـ ما مض وما سيحدث بعد آلاف السنين ـ فلو عرفت هذا لعرفت حقيقة ما كان يعانيه رسول الله صلىاللهعليهوآله في العيش مع هؤلاء ، لأنّ عيش العالم بين الجهّال أمرّ من العلقم ، وأصعب من المشي على الماء ، فقد روى أبو الربيع الشامي عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ما يواجهه الأنبياء في علاج الحمق فقال :
إنّ عيسى بن مريم قال : داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله ، وأبرأت الأكمه والأبرص بإذن الله ، وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله ، وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه.
فقيل يا روح الله وما الأحمق؟
قال : المعجب برأيه ونفسه ، الّذي يرى الفضل كلّه له لا عليه ، ويوجب الحقّ كلّه لنفسه ولا يوجب عليها حقّا ، فذلك الأحمق الّذي لا حيلة في مداواته (١).
وفي الحديث : ثلاثة يشكون إلى الله عزّ وجلّ أحدهم [عيش] عالم بين جهال (٢).
ففي كلّ هذه النصوص دلالة على عظم المصيبة الّتي كان يلاقيها الأنبياء والمرسلون في أممهم وخصوصاً نبينا محمّد صلىاللهعليهوآله.
________________
١ ـ بحار الأنوار ١٤ : ٣٢٣ عن الاختصاص.
٢ ـ الكافي ٢ : ٦١٣ / ٣.