وأعداء الدين.
فالله سبحانه بخطابه للنبيّ بـ (قُل) أراد التأكيد على أنّ هذا الأمر صادرٌ عنه لا عن رسوله صلىاللهعليهوآله باعتبار القرابة النسبية الشخصية مع عل بن أب طالب صلوات الله عليه ، وهذا ما يجب على الرسول أن يبلّغه لامته ، مُعْلِما إياهم بأن الله هو القائل بأن مودة قرب الرسول توازن عنده إبلاغ كلّ الرسالة لا بعضها ، لا رسوله.
فكما أنّ عزرائيل هو واسطة بين الله وبين خلقه في أمر قبض الأرواح ، ومثله ميكائيل في تقسيم الأرزاق ، وإسرافيل في النفخ في الصور ، فرسول الله وأهل بيته هم الواسطة بين الله وبين خلقه في إيصال التشريع وبيان الأحكام للناس ، بل هو واسطة في كلّ أمرٍ يرتبط بأُمّته ، فلا يمكنهم الوصول إلى الله وتعاليمه إلاّ عن طريقه صلىاللهعليهوآله وطريقهم عليهمالسلام.
ومن هنا نعرف سرّ مجيء «من» البيانيّة أو التبعيضيّة في كلام الأنبياء ، وعدم مجيئها في آية المودّة ، بل مجيء (أجراً) فيها ـ أي كلّ الأجر فيها ـ وهو يعني وجود تجانس بين الثمن والمثمّن ، ومعناه : أنّ مودّتهم تقابل كلّ ما قدّمه النبيّ للناس من معارف ربّانيّة ـ في التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد ـ فلا يستهجن بعد هذا القول بأنّ البكاء على الحسين ـ ولو بقطرة واحدة ـ يُخمد نيران جهنّم ، أو يُوجب الجنّة ، أو القول : بأنّ من مات على حبّ آل محمّدٍ مات شهيدا (٢).
________________
١ ـ في مثل قوله تعالى : (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ).
٢ ـ جاء في الكشّاف ٤ : ٢٢٥ / ٩٩٢ ، وتفسير الرازيّ ٢٧ : ١٤٢ ، وتخريج الاحاديث والآثار ٣ : ٢٣٨ / ١١٤٧ وغيرها عن رسول الله قوله : «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفورا له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّدٍ مات تائبا ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان ...».