فمن كان يؤمن بالله ويرجو الثواب يوم المعاد فليبك على الحسين كما بكى الرسول (صلى الله عليه وآله) عليه مراراً ، وليحزن عليه كما حزن الرسول (صلى الله عليه وآله) عليه تكراراً ، وليتغيّر لونه كما تغيّر لون الرسول عليه كثيراً ، ولينكسف باله كما انكسف بال الرسول عليه تعداداً.
وهذا هو مقتضى قوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (١). وقال تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢).
ومتابعة لقول الحجة من آل محمد (صلى الله عليه وعليهم أجمعين) : « فلأندبنّك صباحاً ومساءً ، ولأبكينَّ عليك بدل الدموع دماً » ، ونحن نقول : أبا عبدالله « إن لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك ، فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري ، لبيك أبا عبدالله ».
فقول البعض : (لا نقبل أن نجعل شهر محرم شهر أحزان) قول يخالف فعل وقول الرسول (صلى الله عليه وآله) وبكاءه وحزنه على الحسين مراراً وتكراراً في موارد مختلفة وأزمنة متعددة ، منها يوم عاشوراء كما عن ابن عباس في الأثر الصحيح.
فإذا كان عبدالله بن عمر بن الخطاب يقتدي به (صلى الله عليه وآله) حتى في موضع قضاء الحاجة ، ويسعى في أن يقع خف بعيره في الموضع الذي وقع فيه خف بعير رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فالاقتداء به في البكاء على الحسين (عليه السلام) والحزن عليه أولى وأهم وأصدق.
فعن ابن سيرين قال : كنت مع ابن عمر بعرفات فلما كان حين راح رحت معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأُولى والعصر ، ثم وقفت معه أنا وأصحاب لي ،
__________________
(١) الأحزاب : ٢١.
(٢) آل عمران : ٣١.