بها مع خلافة أبي بكر ، ثمَّ ابن الخطاب وابن عفَّان ، فكان يرفض قبولها تتحكَّم بمصير الأُمَّة وبتقرير مصيره وهو وحده الخليفة الإمام ، ولكنَّه لم يجد منها مناصاً بعد خمس وعشرين سنة ، أبعدته عن حقيقته في تجهيز الأُمَّة ، وتخليصها مِن النِّير الأسود ، فاستسلم إليها في ساعة غَفلة ، فأوصلته الى الحُكم ، وكأنِّي بها هي التي أسقطته تحت خَنجر ابن مُلجم!!! ليس في يد القبليَّة سيف يُدافع عن القبيلة ، وتُخطئ القبليَّة إنْ تَمْتَشق سيفاً تُدافع به القبيلة ، لا تعيش ـ مُطلقاً ـ قبيلة ما لم تَئد بيديها قبليَّتها الذميمة ، وتلك هي المُبايعة تمشي بها القبائل إلى إحياءِ قبليَّاتها الموؤدة تحت أقدام جَدِّنا العظيم.
محمد : ـ أتسمح لي أنْ أستوقفك قليلاً يا أبا عبد الله؟ ها إنَّنا نعمد إلى المُبايعة وأنت الآن تعمد إلى ذمِّها ، هل هذا هو سبيلنا في الوقت الحرج إلى يزيد وأعقاب يزيد؟
الحسين : ـ تصبَّر قليلاً ـ يا محمد ـ فإنِّي مُتابع موضوعي إليك ، فلتكن المُبايعة التي تُريد ... منذ عشر سنين وأنا أُرَاجَع بها ، لقد سمح أخي الإمام الحسن لمُعاوية ـ وإنَّ في ظروف قاسية فرضت عليه الحَلَّ ـ أنْ يُكمل عهده في الحُكم ... ولكنَّ بعض القبائل بقوا رافضين ، وعرضوا عليَّ القبول بمُبايعة ترفض مُعاوية وتشتدُّ إليَّ ، فأرجأتهم إلى ما بعد انقضاء المُدَّة ـ مدة الميثاق المعقود في وثيقة الصُّلح ـ وهي تنصُّ على أنَّ الخلافة تعود إلينا عِبْر الحسن ، إثر وصول الموت إلى مُعاوية ، أيْ : إنَّني لم أقبل بخيانة ميثاق قطعه أخي على نفسه ، وهو مُتَّصف بالإمامة ـ وبقي الخطُّ القبائلي ذاته على اتِّصال بي ـ ولكنَّه بعد خلوِّ الساحة وانتقال العهد إليَّ بعد غياب الحسن ، أصبحنا في حِلٍّ مِن الميثاق الذي خانه وتنكَّر له مُعاوية ، ونقل الخلافة مُلكاً