حَقناً للدماء ، وصوناً لوحدة المسلمين ؛ لتبقى هي ذاتها يمشي بها الحسين مِن مَكَّة إلى كربلاء بجُبَّة ما طاب له إلاَّ أنْ يصبغها بدماء الوريد.
وأقول : لقد كانت القضيَّة واحدة ، ولكنَّ التعبير عنها قد جاء مع كلِّ واحد مِن الأربعة الكبار ، بلون ميَّزه عن الآخر ـ فبينما كان مع الإمام الأوَّل مِن لون الصوافن والقلاع ، جاء مع ابنة الرسول وأُمِّ الحسنين كأنَّه زهر مَلفوح بنارٍ ـ ليكون مع الحسن مِن شَكل قبضات السيوف المُقصفة في ساحة الميدان ـ وإذا به مع الثالث الهاجع في ضمير الإمامة ، انفجار وريد ضاق تحت مَدِّ العنفوان.
شكراً لمركز الدراسات ، يُحرِّك في نفسي شوقاً أتلمَّظ به طعماً لذيذاً ، لا يزال إلاَّ موفورا على المائدة الكبيرة التي مدَّها الحسين ، إنَّها المائدة الحمراء ، ليس المسكوب في قصاعها مِن سائل الدم ، إنَّما هو مِن لقاح العنفوان ، تحيا به النفوس التي تابى الذِّلَّ لباساً. سيبقى العنفوان أبداً نتاج القضايا الكبيرة ، تَسربله الحسين في المجال الفَخم الذي تتثبَّت به قيمة الانسان.
أمَّا القلم الذي يُفتش عن كلِّ كلمة حرفها مِن ضلوع القضايا ، فإنَّه يضفر الآن ذاته إلى الإمام الحسين بنبضاتٍ مِن مُباهلة.
سليمان كتَّاني