وعند المساء ، ما كاد عليٌّ يطأ عتبة البيت ، حتَّى هبَّ الحسين إليه ، قافزاً بين ذراعيه وهو يقول :
الحسين : ـ عندي ما أقوله لك.
علي : ـ وما عندك يا حسين؟
الحسين : ـ قالت لي أُمِّي فاطمة إنَّ جَدِّي هو جَدُّ كلِّ صبيان الجزيرة ، وأنت ألست أباً للجميع؟
علي : ـ وأنا كذلك يا حسين ، ألم تسمع جَدَّك يقول : «أنا وعليٌّ أبوا هذه الأُمَّة»؟.
الحسين : ـ وأنا وأخي الحسن ـ يا أبي ـ كيف سنكون؟
علي : ـ ألم تسمع أيضاً جَدَّك يقول : «هذان ابناي ، إنَّهما إمامان قاما أم قعدا» وهما سيِّدان مِن أسياد الجَنَّة؟
الحسين : ـ وكيف نكون إمامين وسيِّدين؟!
علي : ـ وسوف يقول لك الغَد يا ابني : كيف يكون ذلك. ألا تصبر ـ يا ولدي ـ إلى الغَد؟
أمَّا الحسين ، فإنَّه نام تلك الليلة وفي عِبِّه تسرح أحلام نابتةٌ مِن اللَّغز وهو يبسم لها ويترنَّح ، أمَّا جَدُّه ، وأبوه ، فإنَّه كان يشاهدهما فوق حِصانين أبيضين يصهلان فوق ، قُرب نجمة الصبح.
بعد سنتين وعِدَّة أشهُر ـ كان جَدُّه قد أغمض عينيه عن المسجد ، وعن صبيان كلِّ الجزيرة ـ عاد الحسين فاختلى بأبيه يوشوشه ، والحُزن يشرب مِن عينيه :
الحسين : ـ أيكون أبو بكر أباً لهذه الأُمَّة ، ولا تكون أنت ـ يا أبي ـ بعد جَدِّي الذي غاب وترك الأُبوَّة لك؟!!!
علي : ـ أبو بكر أبٌ بالحميَّة القبليَّة لا بالوصيَّة النبويَّة!!! صلّى الله على جَدِّك ـ يا ابني ـ وسلّم!!!