الحسين ـ وهو يتباهى ـ :
الحسين : ـ جَدِّي أنا هو الرسول. وأنت مَن هو جَدُّك؟
الصبيُّ : ـ وجَدِّي أنا هو الرسول ، أمس دلَّتني إليه أُمِّي عندما كان مُتوجِّهاً إلى ساحة المسجد.
وحاول الحسين أنْ يعترض بعد أنْ وسَّع فتحة عينيه ، وبدأ عليه بعض الغضب ، ولكنَّه سمع أُمَّه فاطمة تُناديه ، وكانت تُراقبهما يلعبان وهي واقفة على الباب ، وبلحظتين كان الحسين بين يديها ، قالت
فاطمة : ـ معه حَقٌّ ـ يا حسين يا ولدي ـ جَدُّك الرسول هو جَدُّ كلِّ صبيان المدينة ـ افْهَم عليَّ ـ وإنَّه جَدُّ كلِّ صبيان الجزيرة ـ أتفهم عليَّ؟ ـ جَدُّك رسول السماء لكلِّ أهل الأرض ، يا حسين ، يا ولدي ، أتفهم عليَّ؟ أظنُّ جَدَّك لا يقبل أنْ تمتلكه وحدك ـ يا حسين ـ وهكذا تكبُر أنت يا ولدي ، ويكبر معك إخوتك في كلِّ المدينة ، وفي كلِّ الجزيرة التي هي لنا على السواء ، أفهمت عليَّ ما أقصد يا حسين؟
وسَرَت على وجه الحسين بَهجة مقطوفة مِن ثَغر أُمِّه ، وهي تُدغدغ وجنتيه بقُبلة مسحوبة سَحباً ناعماً مِن بين ضلوعها ، رَدَّ لها مثلها ، ولوى قافزاً نحو رفيقه المُتهلِّل برجوعه ، لقد هفا إليه ، وقبَّله وهو يلتفت صوب أُمِّه ، وكأنَّه يُخبرها أنَّه فهم مليَّاً ما فاهت به بفَمها الأطهر.
بعد خمس دقائق بالضبط ـ ولا تزال الأُمِّ فاطمة تسهر بعينيها على الصبيَّين اللاعبين في ظِلِّ الشجرة ـ وفد الحسن ليشترك معهما باللُّعبة المرحة ، فأخذه الحسين ليُسرَّ إليه بحديث أُمِّه ـ وما أنْ أدرك الحسن المغزى الجميل حتَّى تَهلَّل فرحاً وهو يلتفت صوب الباب ، فوجد أُمَّه مسرعة إليهم وكلُّ بهجات الدنيا في محياها ، وما أنْ وصلت حتَّى أخذت الصبيان الثلاثة إلى عِبِّها وهي ـ مِن فرحٍ ـ تبكي