أرض الأُمَّة التي جاء نبيُّها الكريم حتَّى يُمجِّدها في حِضن الحياة ، لأنَّها أُمَّة في ذخر الحياة ، وقُطب الله فيه الذي صدق في وجود الإنسان.
ما توقَّف علي قليلاً على ثورة صامتة وهادرة في عُروقه ، حتَّى نهض يتمشَّى في صحن الدار ، ثمَّ دار بكُلِّيته نحو الحسين ليُتابع جهد نفسه بالقول :
علي : ـ جَدُّك هو العظيم ـ يا ابني ـ في تجميع ذاته ليبذلها في سبيل الأُمَّة ، التي لو لا ها لما كانت له لا نبوَّة ، ولا رسالة ، ولا حَقٌّ يُنطق به بلسان الإنسان.
أمَّا القبليَّة التي تطلب تحديداً لمعناها المسحوب مِن ضلوع الشياطين ، فهي التي تفرِّط مجموع القبائل ، وتوزِّعها كذباً وحقداً وتمويهاً ، يتسربل بها كلُّ هؤلاء الأبالسة الذين يدَّعون أنَّهم يمشون بأقدام الإنسان ، وهُمْ أسنمة للزور والبُهتان!! لقد جمع جَدُّك المُجتمع القبائلي كلَّه في واحد ، بعد أنْ خلَّصه مِن الشرك وأسباب الانفراط ، لتعود القبليَّة فتُفرِّطه إلى الضعف والتفسُّخ والهَوان.
تلك هي القبليَّة ـ يا ابني ـ في انتسابها اللعين ومفعولها الناسخ!!! إنْ يكن لي الآن أنْ أغرق في ذِلِّي وانكسافي ، وفليس لأنِّي أُفتِّش عن كرسيٍّ اغتني به وأسود ، بلْ لأنِّي أُشاهد بأُمِّ العين ، أُمَّتي يتجرَّرون بها إلى الانخساف ، بعد أنْ بدأت ترفع رأسها بحقيقة الإنسان ... الذِّلُّ ـ يا ابني ـ للإنسان الذي لا تكون له أُمَّة يرتفع بها إلى الحقيقة الإنسانيَّة التي هي أوَج السعادة للإنسان ، ما عدا ذلك فأيَّة قيمة للثعالب والأرانب والجُرذان!! حتَّى للأرض كلِّها أنْ تكن خالية مِن مُجتمع صحيح صامد بقيمة الانسان؟!!!