الحلّ والعقد يختارون لأنفسهم ، بل عَمَدَ إلى تنصيب ابنه خليفة وأخَذ البيعة له قبل أن يموت ، ليعلنها «مُلكاً عَضُوضاً» بعد أن كانت خلافة.
وكان هذا الإجراء من أخطر ما أقدم عليه معاوية في آخر سنيّ حياته ، ولذلك كان للناس مواقف متفاوتة تجاه هذه البدعة ، أمّا الحسين (عليه السّلام) فقد استغلّ ذلك للإعلان عن مخالفة هذا الإجراء لبنود وثيقة الصلح الموقّعة من قبل معاوية «فلا خلاف بين العلماء أنّ الحسن إنّما سلّم الخلافة لمعاوية حياته لا غير» (١).
مع أنّ يزيدَ كان معروفاً بين الأُمّة بفسقه ولهوه ، وعدم لياقته للأدنى من الخلافة فَضلاً عنها.
ولم يُخفِ الحسين (عليه السّلام) نشاطه حتّى عرف منه ذلك ، فجاءته الوفود يقولون له :
[٢٥٤ ص ١٩٧] : قد علمنا رأيك ورأي أخيك.
فقال (عليه السّلام) : «إنّي أرجو أن يُعطيَ الله أخي على نيّته في حُبّهِ الكفَّ ، وأن يعطيني على نيّتي في حُبّي جهاد الظالمين» (٢).
إنّ كلمة «الجهاد» تهزّ الحكومة الظالمة التي تخيّلت أنّها قد قطعت شأفة أهل الحقِّ ، واجتثّت أُصول التحرّك الجهاديّ بقتل كبار القوّاد ، وطمس معالم الحقّ ، وتشويه سمعة أهل البيت ، وسلب الإمكانات المادّية منهم.
ولكن لمّا يَسْمع الحكّام كلمة «جهاد الظالمين» من الحسين (عليه السّلام)