ومعنى كلامه أنّه لا يضرّه القتل مع سوابقه في الإسلام ، لكنّ الفرزدقَ الشاعرَ استشعر من الكلام دلالةً أُخرى ، ولعلّه عدّها تشجيعاً على الخروج ، وتأييداً له وحثّاً عليه حتّى عدّ ذلك من ابن العاص نفاقاً وخبثاً.
وأمّا ابن الزبير فقد حشره بعض المؤرّخين في «الناصحين» ، وإنْ صحّت الرواية بذلك فهو بلا ريب ممّن «يُستغشُّ» في نُصحه ، لأنّه هو الذي شبّ على عداء أهل البيت النبويّ (عليهم السّلام) ، ودفع أباه في اُتون حرب الجمل ، ووقف مع عائشة خالته في وجه العدالة.
ولقد أبدى حقده وسريرة نفسه لمّا استولى على الحكم في مكّة ، فكان يترك الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله) حسداً لآله ، وقد جمع آل أبي طالب في الشعب مهدّداً بالإحراق عليهم لمّا أبوا أن يبايعوه ويعترفوا بإمارته ، وقد كان يكيد للإمام زين العابدين (عليه السّلام) في المدينة (١) ، هذا الرجل لم يُحاول نصح الحسين (عليه السّلام) بعدم الخروج خوفاً عليه من قَتَلة أبيه وأخيه ، بل لا يذكر ذلك إلاّ شماتةً.
____________________
(١) لاحظ كتابنا جهاد الإمام السجاد (عليه السّلام) ص ٢٨٣.