وأمّا ابن عبّاس فقد واجه ابن الزبير بذلك حين قال له :
[ص٢٠٤] : يابن الزبير ، قد أتى ما أحببت ، قرّت عينك ، هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز ، وتمثّل : يالك من قُبَّرة iiبمعمرِ خلا لَك الجوّ فبيضي واصفري ونقّري ما شئتِ أنْ iiتنقّريْ (١) وأمّا ابن عمر ، ذلك المتظاهر بالورع المُظْلم الذي لم يميّز به الحق ولم يبتعد عن الباطل ، ويُحاول بزعمه الانعزال عن الفتنة ، رغبةً في العفّة عن الدماء ، فإنّه كان أصغر من أن يجد الحل المناسب للخروج عمّا يدخل فيه إن أحْسَنَ أن يدخُلَ في شيء!
فهو على أساس من نظرته الضعيفة والملتوية امتنعَ عن مبايعة الإمام عليّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) المجمع على إمامته ، لكنّه يقصد الحَجّاج ليُبايعه ، زاعماً أنّه سمع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «من باتَ وليس في عُنقه بيعةٌ ماتَ ميتةً جاهليّة» (٢).
فمدّ الحجّاج إليه رجله يُبايعه بها ، وحاجَجَهُ في امتناعه عن بيعة عليّ (عليه السّلام) بأنّه لمَّا ترك بيعته (عليه السّلام) أما كان يخافُ أن يموت في بعض تلك
____________________
(٣) بل اعتبر ابن عبّاس تعزية ابن الزبير له بمقتل الحسين (عليه السّلام) شماتة كما في الحديث (٣٣٠) ، مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٤٤.
(٤) رواه مسلم في صحيحه ١٢ / ٢٤٠.