الليالي ، فكان الحجّاجُ المُلحد أبصَر في ذلك من ابن عمر المتزهّد!
وهكذا يجرُّ الخذلانُ بعضَ الناس إلى العمى عن رؤية ما بين يديه وهو يدّعي أنّه يرى الأُفقَ البعيدَ.
وبعد هذه المواقف الهزيلة يأتي ابنُ عمر إلى الحسين (عليه السّلام) ليحشر نفسه في «الناصحين» له بعدم الخُروج إلى العراق.
زاعماً [٢٤٥] : إنّ أهل العراق قومٌ مناكير ، وقد قتلوا أباك ، وضربوا أخاك ، وفعلوا وفعلوا ، ولمّا أبى الإمام (عليه السّلام) ـ بما سيأتي نقله ـ قال ابن عمر.
[٢٤٦] : أستودعك الله من قتيل.
لكن كلّ ما ذكره ابن عمر لم يكن ليخفى على الحسين (عليه السّلام) نفسه ، لأنّه (عليه السّلام) كان أعرف بأهل الكوفة وما فعلوه ، حيث كان فعلهم بمنظر منه ومسمع ، وبغياب ابن عمر عن ساحة الجهاد ذلك اليوم ، فليس إلى تنبُّؤات ابن عمر حاجة.
واذا كانت نظرة ابن عمر عدم التدخّل في السياسة ، والانعزال عن الفتن ، فلم يكن تدخُّله اليوم ، ومحاولته منع الحسين من الخروج منبعثاً عن ذات نفسه ، وإنّما أمثاله من البله يندفعون دائماً مع إرادات الظالمين ولو من وراء الكواليس ، اُولئك الّذين كان ابن عُمر يُغازلهم ويتقرّبُ إليهم مثل معاوية ويزيد والحجّاج.
وما أجابَ به الإمامُ الحسين (عليه السّلام) هؤلاء الناصحين قد اختلف حسب الأشخاص وأهوائهم وأغراضهم ، ومواقعهم وقناعاتهم ، وقربهم وبُعدهم كما رأينا.
وأمّا الجواب الحاسم والأساس فهو الذي ذكره الإمام (عليه السّلام) في جواب الأمير الأُموي عمرو بن سعيد ، فقال :