وهل المحافظة على النفس ، والرغبة في عدم إراقة الدماء ، والخوف من القتل أُمور تمنع من أداء الواجب ، وتعرقل مسيرة المسؤولية الكبرى ، وهي المحافظة على الإسلام وحرماته ، وإتمام الحجّة على الأُمّة بعد دعواتها المتتالية ، واستنجادها المتتابع؟!
ثمَّ هَلْ تُعْقَلُ المحافظة على النفس بعد قطع تلك المراحل النضالية ، والتي كان أقل نتائجها المنظورة القتلُ ، حيث إنّ يزيدَ صمّم على الفتك بالإمام (عليه السّلام) الذي كان يجده السدّ الوحيد أمام استثمار جهود أبيه في سبيل الملك الأُموي العَضوض ، فلا بدّ من أن يزيحه عن هذا الطريق.
ويتمنى الحكم الأُموي لو أن الحسين (عليه السّلام) يقف هادئاً ولو للحظة واحدة حتّى يركّز في استهدافه ويقتله ، وحبّذا لو كان قتل الحسين (عليه السّلام) بصورة اغتيال حتّى يضيع دمه وتهدر قضيته.
وقد أعلن الحسين (عليه السّلام) عن رغبتهم في ان يقتلوه هكذا ، وأنّهم مصممون على ذلك حتّى لو وجدوه في جُحْر ، وأشار يزيد إلى جلاوزته أن يحاولوا قتل الحسين (عليه السّلام) أينما وجدوه ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة ، فلماذا لا يُبادرهم الإمام (عليه السّلام) إلى انتخاب أفضل زمان ، وأفضل مكان ، وأفضل شكل للقتل؟!
الزمان «يوم عاشوراء» المسجّل في عالم الغيب ، والمثبت في الصحف الأُولى ، وما تلاها «من أنباء الغيب» التي سنستعرضها ، وكذا المكان «كربلاء» الأرض التي ذكر اسمها على الألسن منذ عصر الأنبياء ، أمّا الشكل الذي اختاره للقتل فهو النضال المستميت الذي ظلّ صداه مُدَويّاً في اُذن التأريخ ، يقضّ مضاجع الظالمين والمزوّرين لكتبه.