ومن أعظم المواقف إثارة ، وأتمّ الخطب حجّة ، ما نقله الرواة ، قالوا :
[٢٧٤ ـ ٢٧٥] : إنّ الحسين بن عليّ (عليه السّلام) لمّا أرهقه السلاحُ قال : «ألا تقبلون منّي ما كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقبل من المشركين؟».
قالوا : وما كان رسول الله يقبل من المشركين؟
قال : «إذا جنحَ أحدُهم قبِلَ منه»!
قالوا : لا.
قال : «فدعوني أرجع»!
قالوا : لا.
قال : «فدعوني آتي التُركَ فأُقاتلهم حتّى أموت» (١).
وبدلاً أن يتعاطفوا مع هذا العرض تمادوا في الغيّ ..
فأخذ له رجلٌ السلاحَ وقال له : أبشر بالنار!
فقال الحسين (عليه السّلام) : «بل ـ إن شاء الله ـ برحمة ربّي عزّ وجلّ ، وشفاعة نبيّي (صلّى الله عليه وآله)».
إنّها منتهى الضراوة والوحشية من جيش الكوفة ، ولكنّها منتهى الغاية في إتمام الحجّة عليهم من الإمام الحسين (عليه السّلام).
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٤٦ ، تحتوي الروايتان اللتان رواهما ابن عساكر على طلب الإمام (عليه السّلام) المسير إلى يزيد لكن الروايات الصحيحة خالية من ذلك ، بل روى عن عقبة بن سمعان قوله : صاحبت الحسين من المدينة إلى مكّة ومن مكّة إلى كربلاء ، ولم أُفارقه في حال من الحالات ، فما سمعت منه أن يقول : «دعوني آتي يزيد» لاحظ تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) ص ٢٢٠ هامش مع أنّه لو أُضيفت تلك إلى الخيارات لكانت أربعاً! بينما المتن ينصّ على أنّها ثلاث!! ولاحظ الهامش الآتي.