فإنْ كان في سامعي هذه الخطبة مَنْ عنده مثقال ذرّة من خير اكتسَبه بعرف أو تعلّمه من درس أو دين ، أو كان له ضمير ووجدان ، أو من يرجع إلى عقل ونظر لنفسه ، لكانت له مُرشدةً!
إذ إنّ الإمام (عليه السّلام) قد استعمل كلّ ذلك.
فحرّك الأعراف القائمة على الوفاء بالعهد ، والإحسان بالمثل.
وبصّرهم بالبؤس الذي غمرهم فهم في غمرته ساهون ، فلا عدلَ ولا أملَ في الحكم الذي تحت نيره يرزحون وهم لا يشعرون!
وقرأ لهم الشعر الحماسي الذي تمثّل به أبطال العرب ، وسارت به الأمثال!
أوضح لهم مفاسد الموقف من خلال عروض البغيّ ابن البغيّة ، كي تتحرّك عندهم خيوط الوجدان ، ويتبصّروا مواقع أقدامهم وأهدافهم لَعلّهم يهتدون.
كما عرّفهم ـ بأقوى نصٍّ ـ بنفسه وأصله وفصله ، والجماعة الّذين معه ، الّذين عبّر عنهم بـ «هذه الأُسرة» تعبيراً عن اندماجهم وتكتّلهم ووحدتهم في المسير والمصير ، وأنّهم ليسوا مّمن يتوقّع نزولهم على رغبة الأعداء ، هيهات!
وذكر في خُطبته الأنبيَاء ، والنبيّ ، وأباه.
وقرأ لهم الآيات مستشهداً بها.
ألم يكن الجمع قد سمعوا آيات القرآن وهم الآن يسمعون الإمام (عليه السّلام) يتلوها عليهم؟!
فإن لم يقرؤوا القرآن فكيف يدّعون الإسلام؟!
وإن قرؤوه فهل حجّة أتمّ عليهم من آياته؟!