«رحمك الله أبا محمد ،
إنْ كنتَ لتناصر الحقّ عند مظانّه ، وتؤثر الله عند مداحضِ الباطل وفي مواطن التقيّة بحُسْن الرويّة.
وتستشفُّ جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة ، وتقبض عنها (١) يداً طاهرة.
وتردعُ ما ردة (٢) أعدائك بأيسر المؤونة عليك.
وأنتَ ابن سلالة النبوّة ، ورضيع لُبان الحكمة.
وإلى رَوْح وريحان ، وجنّةِ نعيم.
أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه ، ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الأسى عليه» (٣).
حقّاً ، يعزُّ على أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) أن يفقد عضده في أحلك الظروف حيث شوكة بني اُميّة في تقوٍّ ، وأحوال الأُمّة في تردٍّ ، وقد كان الإمام الحسن (عليه السّلام) صامداً في مواجهة المعاناة التي تحمّلها ، فتجرّع غصص الصلح مع معاوية ، ذلك الذي ألجأه إليه وَهْنُ الجبهة الداخلية ، وشراسة الأعداء الخارجيّين ، وتسلّل الخَونة من أمراء جيشه ، وفساد خُلق الأُمّة وانعدام الخَلاق إلى حدّ التكالب على الدنيا وحبّ الحياة ، والهروب من الموت.
إن كان الإمام الحسنُ (عليه السّلام) يُواجه هذه المصاعب فإنّه لم يكن وحيداً ، بل كان الحسين (عليه السّلام) إلى جانبه يعضُده ، لكن الحسين (عليه السّلام) حين ينعى
____________________
(١) في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور : وتفيض عليها.
(٢) في المختصر : بادرة.
(٣) تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام الحسن (عليه السّلام) ص ٢٣٣ رقم (٣٦٩) ومختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ٤٦.