كان لا بدّ له ـ بعد أن سار معاوية إليه بجيشه ـ من أن يتحرك للدفاع وللتصدي ، لكي تتجسد الحقائق واقعاً ، حياً وملموساً ، وليرى الناس باُمِّ أعينهم حقيقة جيش الإمام في تركيبته ، وفي ممارساته لكل أحد. ولكي يمكّن أن يخضع معاوية لشرائطه ، أو على الأقل أن يقبل بأن يفاوضه عليها ، ويحقق أعظم الأهداف رغم أنه في أضعف جيش ، وفي مواجهته معاوية الداهية وهو في أقوى جيش ، وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على أن الإمام عليهالسلام قد حقق معجزة كبرى في مجال السياسة كما هو واضح.
خيار السلم :
وأمّا خيار السلم فهو أيضاً على نحوين :
أحدهما : أن يستسلم الإمام الحسن عليهالسلام لمعاوية ، ويقول له : افعل ما تشاء ، فإنني قد انسحبت من ساحة الصراع.
فهذا السلام هو عين الهزيمة ، وهو سوف يعطي الشرعيّة لكل ممارسات وجرائم وجنايات معاوية ، وهو أعظم خطراً من الهزيمة العسكرية ثمَّ الإبادة.
ثاني : السلام القائم على شروط ، وهو عقد الهدنة المسمّى بالصلح ، فإنه ليس فيه تضحية لا بالأنفس ولا بالأموال ، ولا تنشأ عنه أي من سلبيات الحرب الكثيرة.
كما أنه على صعيد النتائج لا يعطي أي مبرر لاُولئك الطغاة والمجرمين للعدوان على حياة القيادة ، أو على حياة أي من الرموز