المُقدّمة
إنّ للنسب مكانةً كبرى في شتّى النّواحي ، فليس من المستنكر دخله في تهذيب الأخلاق ، فإنّ الإنسان مهما كان مولعاً بالشهوات مستهتراً ماجناً ، إذا عرف أنّ له سلفاً مجيداً ، وأنّ من ينتمي إليهم أُناس مبجّلون ـ كما هو الشأن في جلّ البشر ، إنْ لم نقل كلّهم ـ لا يروقه أنْ يرتكب ما يشوّه سمعتهم ، وإنّما يكون جلّ مسعاه أنْ يكون خلقاً صالحاً لهم ، يجدّد ذكرياتهم ، ويخلّد ذكرهم الجميل بالتلفّع بمكارم الأخلاق.
ولقد جعل اللّه تعالى أبناء آدم عليهالسلام شعوباً وقبائل ليتعارفوا (١) ، فتشتبك الأواصر ، وتتواصل الأرحام ، ويحمى الجوار بالتساند والمؤازرة ، ويعرفهم مَن عداهم كتلة واحدة ، فيهاب جانبهم ولا تخفر ذمَّتهم ، فيسود بذلك السّلام والوئام ؛ ومن هنا نشاهد المَردة من قوم شعيب قالوا له لما عتَوا عن أمره : (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ) (٢).
فإذاً يكون في مشتبك الأواصر مناخُ العزّ ومأوى الهيبة ، كما
__________________
(١) (يَا أيّهَا النّاسُ إنّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). سورة الحجرات / ١٣.
(٢) سورة هود / ٩١.