السّفر إلى الشام
لقد كانت الروايات في سفر عقيل إلى الشام ، في أنّه على عهد أخيه الإمام أو بعده ، متضاربة ، واستظهر ابن أبي الحديد في شرح النّهج ٣ / ٨٢ أنّه بعد شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وجزم به العلاّمة الجليل السيّد علي خان في الدرجات الرفيعة ، وهو الذي يقوى في النّظر بعد ملاحظة مجموع ما يُؤثر في هذا الباب ؛ وعليه تكون وفادته كوفود غيره من الرجال المرضيِّين عند أهل البيت عليهمالسلام إلى معاوية في تلك الظروف القاسية ، بعد أنْ اضطرّتهم إليه الحاجة ، وساقهم وجه الحيلة في الإبقاء على النّفس ، والكفّ من بوادر الرَّجل ، فلا هُم بملومين بشيء من ذلك ، ولا يحطّ من كرامتهم عند الملأ الديني ؛ فإنّ للتقيّة أحكاماً لا تُنقض ، ولا يُلام المُضطرّ على أمر اضطرّ إليه.
على أنّ عقيلاً لم يُؤثر عنه يوم وفادته على معاوية إقرار له بإمامةٍ ، ولا خضوع له عند كرامة ، وإنّما المأثور عنه الوقيعة فيه ، والطعن في حسبه ونسبه ، والحطّ من كرامته ، والإصحار بمطاعنه ، مشفوعة بالإشارة إلى فضل أخيه أمير المؤمنين عليهالسلام.
من ذلك أنّ معاوية قال له : يا أبا يزيد ، أخبرني عن عسكري وعسكر أخيك؟
فقال عقيل : مررت والله ، بعسكر أخي ، فإذا ليلٌ كليل