رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، ونهارٌ كنهار رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، إلاّ أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ليس في القوم ؛ ما رأيت إلاّ مُصلّياً ، ولا سمعت إلاّ قارئاً ، ومررت بعسكرك ، فاستقبلني قوم من المُنافقين ممّن نفر برسول اللّه صلىاللهعليهوآله ليلة العقبة (١).
وقال له معاوية : إنّ عليّاً قطع قرابتك وما وصلك.؟
فقال له عقيل : واللّه ، لقد أجزلَ العطيّة وأعظَمها ، ووصل القرابة وحفظها ، وحسنَ ظنّه باللّه إذ ساء به مثلك ، وحفظ أمانته ، وأصلح رعيته إذ خنتُم وأفسدتم وجرتم ، فاكفف لا أباً لك ; فإنّه عمّا تقول بمعزل (٢).
ثُمّ صاح : يا أهل الشام ، عنّي فاسمعوا لا عن معاوية ، إنّي أتيت أخي عليّاً عليهالسلام فوجدته رجلاً قد جعل دنياه دون دينه ، وخشي اللّه على نفسه ، ولم تأخذه في اللّه لومة لائم ... وإنّي أتيت معاوية فوجدته قد جعل دينه دون دنياه ، وركب الضلالة واتّبع هواه ، فأعطاني ما لمْ يعرق فيه جبينُه ، ولم تكدح فيه يمينُه ؛ رزقاً أجراه اللّه على يديه ، وهو المُحاسَب عليه دوني ، لا محمود ولا مشكور.
ثُمّ التفت إلى معاوية ، فقال : أما واللّه يابن هند ، ما تزال منك سوالف يمرّها منك قول وفعل ؛ فكأنّي بك وقد أحاط بك ما الذي منه تحاذر.
فأطرق معاوية ساعة ، ثُمّ قال : مَن يعذرني من بني هاشم. ثُمّ أنشد يقول :
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ١٢٥.
(٢) الدرجات الرفيعة / ١٦١.