موقفُهُ في الطَّفِّ
ربما يستعصي البيان عن الإفاضة في القول في هذا الفصل لشدّة وضوحه ، وربما أعقب الظهور خفاءً ؛ فإنّ منْ أبرز الصفات الحميدة في الهاشميِّين الشجاعة ، وقد جُبلوا عليها ، وبالأخص الطالبيِّين ، وقد أوقفنا على هذه الظاهرة الحديث النّبويّ : «لو ولدَ النّاسَ أبو طالبٍ كُلَّهمْ لكانوا شُجعاناً» (١).
إذاً فما ظنّك بطالبيٍّ أبوه أمير المؤمنين عليهالسلام قاتل عمر بن عبد ود ، ومزهق مرحب ، وقالع باب خيبر ، وقد عرق في ولده البسالة كُلّها والشهامة بأسرها ، وعلّمه قراع الكتائب ، فنشأ بين حروبٍ طاحنة وغارات شعواء ، وخؤولته العامريّون الذين شهد لهم عقيل بالفروسية؟! وللخؤولة كالعمومة عرق ضارب في الولد ، ومن هنا قالت العرب : (فلان مُعِمٌّ مُخْوِلٌ) إذا كان كريمهم ، وحوى المزايا الحميدة عنهما (٢) ، ولم يعقد أمير المؤمنين عليهالسلام على اُمِّ البنين إلاّ لتلد
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٠ / ٧٨ ، كشف الغُمَّة ٢ / ٢٣٥ باختلاف ألفاظ الرواية بلفظ : «للّه درُّ أبي طالب! لو وَلد النّاسَ كلَّهم كانوا شُجعاناً». كما في كشف الغُمَّة للأربلي ، أو : «لو ولدَ أبو طالبٍ النّاسَ كُلَّهُمْ لكانُوا شُجعاناً». كما في شرح النّهج.
(٢) لسان العرب ١١ / ٢٢٤ ، تاج العروس ١٤ / ٢١٦. وقد نظم هذه الخاصّة أبو