اليقين
لقد كان أبو الفضل عليهالسلام أحدَ الأفذاذ العلويّين الذين لم تكن المفاخر مزايا زائدة على ذاتّياتهم وإنْ مُدحوا بآثارها لأنّهم زبدُ المخض ، حازوا شرف النّبوَّة وفضيلة الخلافة ، تتنضّد بهم جُملُ العلم ، وتعتدل موازينُ العمل ، وتترنّح بهم صهوات المنابر.
فكان سلام اللّه عليه مُتربّعاً على منصّة المجد ، ومِلْءُ النّدي هيبة ، ومِلْءُ العيون بهجة ، ومِلْءُ المسامع ذكره الجميل ، ومِلْءُ القلوب محبّة ، وحشو أهابه علمٌ وعمل ، وحشو الردى سؤددٌ وشرف.
وإنّ الإحاطة بما حواه من اليقين الثابت والبصيرة النّافذة بأحد طريقين :
الأوّل : سبر أحواله ، ومواقع إقدامه وإحجامه ، ومواضع بطشه وأناته ، وموارد صفحه وانتقامه. ولا بدّ أنْ يكون المُنقّب عند ذلك مُميّزاً بين مدراج الرأي ومساقط الخطل ، بصيراً بمراقي الحلم ومهاوي البطش.
والثاني : إخبار مَن وقف على ذلك بمباشرة وافية وعلم مُتّسع ، تمّ شكلُهُ وظهر إنتاجُهُ ، أو تعليم إلهي ، أو أخذ عمّن له صلة بذلك التعليم.