قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهماالسلام : «وأكرم عشيرتَك ؛ فإنّهم جناحُك الذي به تطيرُ ، وأصلُكَ الذي إليه تصيرُ ، ويدُكَ التي بها تصولُ. ولا يستغني الرجلُ عن عشيرته وإنْ كان ذا مالٍ ؛ فإنّه يحتاج إلى دفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم ، وهُمْ أعظم النّاس حيطةً من ورائه ، وألمّهم لشعثه ، وأعظمهم عليه إنْ نزلت به نازلة أو حلّت به مصيبة. ومَن يقبض يده عن عشيرته ، فإنّما يقبض عنهم يداً واحدة ، وتُقبض عنه أيدٍ كثيرة» (١).
ولقد جاء في الشريعة المقدّسة أحكام منوطة بمعرفة الأنساب خاصّة أو عامّة ، كالمواريث والأخماس ، وصلة الأرحام وديّة قتل الخطأ ... إلى غيرها من فوائد النّسب التي جعلته في الغارب والسّنام من بين العلوم الفاضلة ، وأكسبته الأهمية الكبرى.
وجعلت منصّة النسّابة في المحلّ الأسمى عند الديني والاجتماعي والأخلاقي (٢). وهو أحد العلماء الذين لكلٍّ منهم اختصاص في فنٍّ من الفنون يرجع إليه في فنّه ويُستفتى ، كما يراجع
__________________
(١) نهج البلاغة ، شرح الشيخ محمّد عبده ٣ / ٥٧ ، من وصيّة له لابنه الحسن عليهماالسلام.
(٢) ورد عن النّبي صلىاللهعليهوآله أنّه دخل المسجد ، فإذا جماعة قد طافوا برجل ، فقال صلىاللهعليهوآله : «ما هذا؟».
فقيل : علاّمة. قال صلىاللهعليهوآله : «وما العلاّمة؟».
فقالوا : أعلم النّاس بأنساب العرب ووقائعها.
فقال النّبي صلىاللهعليهوآله : «ذاك علم لا يضرُّ مَن جهله ، ولا ينفعُ مَنْ علمه».
ثمّ قال النّبي صلىاللهعليهوآله : «إنّما العلم ثلاثة : آيةٌ مُحكمةٌ ، أو فريضةٌ عادلةٌ ، أو سُنّةٌ قائمةٌ ، وما خلاهنّ فهو فضلٌ».
انظر : الكافي ١ / ٣٢ ، ح ، وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار / ٣٧ ، الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة للعاملي / ٦٧٩.