بئست الكلمة القبيحة التي راموا أنْ يُلوّثوا بها ساحة ذلك السيّد الكريم!
فهل ترغب أنت أنْ يقال لك : عرّضت إخوتك وبني اُمّك لحومة الوغى لتحوز مواريثهم؟! أمْ أنّ هذا من الدَّناءة والخسّة فلا ترضاه لنفسك ، كما لا يرغب به سوقة النّاس وأدناهم ، فكيف ترضى أيّها المُنصف ذلك لمَن علّم النّاس الشّهامة وكرم الأخلاق ، وواسى حجّة وقته بنفسه الزاكية؟!
وكيف يُنسب هذا لخرّيج تلك الجامعة العُظمى والمدرسة الكبرى ؛ جامعة النّبّوة ومدرسة الإمامة ، وتربّى بحجر أبيه عليهالسلام ، وأخذ المعارف منه ومن أخويه الإمامين عليهماالسلام؟!
ولو تأمّلنا جيداً في تقديمه إيّاهم للقتل ، لعرفنا كبر نفسه ، وغاية مفاداته عن أخيه السّبط عليهالسلام ، فلذّة كبد النّبيِّ صلىاللهعليهوآله ، ومهجة البتول عليهاالسلام ، فإنّ من الواضح البيّن أنّ غرضه من تقديمهم للقتل :
١ ـ إمّا لأجل أنْ يشتدّ حزنه ، ويعظم صبره ، ويُرزأ بهم ، ويكون هو المطالب بهم يوم القيامة ، إذ لا ولد لهم يُطالبون بهم.
٢ ـ وإمّا لأجل حصول الاطمئنان والثقة من المفادات دون الدِّين أمامَ سيّد الشُّهداء عليهالسلام ، ويشهد له ما ذكره الشيخ المفيد في الإرشاد ، وابن نما في مُثير الأحزان من قوله لهم : تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للّه ولرسوله ؛ فإنّه لا ولد لكم. ولم يقصد بهم المخايل ، وإنمّا رام أبو الفضل أنْ يتعرّف مقدار ولائهم لقتيل العبرة ؛ وهذا منه عليهالسلام إرفاق بهم وحنان عليهم ، وأداء لحقّ الاُخوّة بإرشادهم إلى ما هو الأصلح لهم.