لكنْ هلمّ واقرأ العجيب الغريب فيما ذكر ابن جرير الطبري في التاريخ ج ٦ ص ٢٥٧ ، قال : وزعموا أنّ العبّاس بن علي قال لإخوته من اُمّه وأبيه ؛ عبد اللّه وجعفر وعثمان : يا بني اُمّي ، تقدّموا حتّى أرثكم ؛ فإنّه لا ولد لكم. ففعلوا وقُتلوا (١).
وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين : قدّم أخاه جعفر بين يديه ؛ لأنّه لم يكن له ولدٌ ليحوز ميراثه العبّاس ، فشدّ عليه هاني بن ثبيت فقتله (٢).
وفي مقتل العبّاس ، قال : قدّم إخوته لاُمّه وأبيه فقُتلوا جميعاً ، فحاز مواريثهم ، ثُمّ تقدّم وقُتل فورثهم وإيّاه عبيدُ اللّه ، ونازعه في ذلك عمّه عمر بن علي ، فصولح على شيء رضي به (٣).
هذا غاية ما عندهم ، وقد تفرّدا به من بين المؤرّخين وأرباب المقاتل ، ولا يخفى على مَن له بصيرة وتأمّل بعدُهُ عن الصواب.
وما أدري كيف خفي عليهما حيازة العبّاس ميراث إخوته مع وجود اُمّهم اُمّ البنين ، وهي من الطبقة المُتقدّمة على الأخ ، ولم يجهل العبّاس شريعة تربّى في خلالها؟!
على أنّ هذه الكلمة لا تصدر من أدنى النّاس ، سيّما في ذلك الموقف الذي يذهل الواقف عن نفسه وماله ، فأيّ شخص كان يدور في خُلدهِ ذلك اليوم حيازة المواريث بتعريض ذويه وإخوته للقتل ، وعلى الأخصّ يصدر ذلك من رجل يعلم أنّه لا يبقى بعدهم ولا يتهنّأ بمالهم ، بل يكون فعله لمحض أنْ تتمتّع به أولاده؟!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٣٤٢ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٧٦.
(٢) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج / ٥٤.
(٣) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج / ٥٥.