كالاستخارة ، وتمضي على قوله صلىاللهعليهوآله : «مَن اُعجب برأيه ضلّ ، ومَن استغنى بعقلهِ زلّ» (١). و «لا يندَمُ مَن استشارَ ، ولا خابَ مَن استخارَ» (٢).
ولمّا خرج صلىاللهعليهوآله من المدينة طالباً عِير أبي سفيان ، بلغه في (ذفران) (٣) أنّ قريشاً خرجت على كُلّ صعب وذلول ، شاور أصحابه ، فقال صلىاللهعليهوآله : «ما تقولونَ؟ العيرُ أحبُّ إليكُمْ أم النّفيرُ؟».
فقال بعضهم : العير. وقال (رجلان) : يا رسول اللّه ، إنّها قريش وخيلاؤها ، ما ذلّت منذُ عزّت ، وما آمنت منذُ كفرت. فساءه كلامهما ، وتغيّر وجهه ، فقام المُقداد بن الأسود الكندي ، وقال : امضِ يا رسول اللّه لِما أمرك به اللّه ونحن معك. فواللّه ، لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى بن عمران : (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) (٤). ولكن نقول : اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون ما دام منّا عينٌ تطرف ؛ نُقاتل عن يمينك وعن يسارك ومن خلفك. فوالذي بعثك بالحقِّ ، لو سرت بنا إلى بركِ الغَمامِ (بلاد الحبشة) ، لجالدنا معك من دونه حتّى تبلغه. فضحك رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وأشرق وجهُهُ وسُرّ بكلامه (٥).
__________________
(١) في تفسير القرطبي ٤ / ٢٥١ ورد هكذا : «ما ندِم مَن استشارَ ، ولا خابَ مَن استخارَ». وأمّا في مصادرنا فوردت هكذا : عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال : «ما حارَ مَنْ استخارَ ، ولا ندمَ مَنْ استشارَ». وسائل الشيعة ٨ / ٢٦٥ ح ٨ ، الأمالي للطوسي / ١٣٦ ، كشف الغُمّة ٣ / ١٧٣.
(٢) نهج السّعادة ٧ / ٢٧٥ ، الفائدة السّادسة.
(٣) قال في لسان العرب ١ / ١٥٧ : ذفران : موضع عند بدر.
(٤) سورة المائدة / ٢٤.
(٥) اُسد الغابة ٤ / ٤١٠ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٤٠ ، تاريخ الإسلام للذهبي ٢ :