وممّا يزيدنا بصيرة في عصمته ، ما ذكرناه سابقاً في شرح قول الصادق عليهالسلام : «لَعنَ اللّهُ اُمّةً استحلَّتْ منكَ المَحارمَ ، وانْتَهكَتْ في قتلِكَ حُرمةَ الإسلامِ».
فإنّ حُرمة الإسلام لا تُنتهك بقتل أيِّ مسلم مهما كان عظيماً ، ومهما كان أثره في الإسلام مشكوراً ، إلاّ أنْ يكون هو الإمام المعصوم عليهالسلام ، فلو لم يبلغ العبّاس المراتب السّماوية في العلم والعمل لمقام أهل البيت عليهمالسلام لما استحقّ هذا الخطاب ، وهذا معنى العصمة ؛ نعم ، هي غير واجبة. وممّا يستأنس منه العصمة له ما تقدّم من قول السجّاد عليهالسلام : «وإنّ لعمّي العبّاسِ منزلةً يغبطُهُ عليها جميعُ الشُّهداء يومَ القيامة» (١).
ويدخل في عموم لفظ الشُّهداء صريحة بيت الوحي (أبو الحسن علي الأكبر) الذي أفضنا القول في عصمته.
وإذا كان العبّاس غير معصوم ، كيف يغبطه المعصوم عليهالسلام على ما اُعطي من رفعة ومقام عالي ؛ لأنّ المعصوم لا يغبط غيره؟! فلا بدّ أن للعبّاس أعلى مرتبة من العصمة كما عرفت ، ومن هنا غبط منزلته التي اُعدّت له جميع الشُّهداء حتّى مَن كان معصوماً كعلي الأكبر وأمثاله ، غير الأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين.
__________________
(١) الأمالي للشيخ الصدوق / ٥٤٨ ، الخصال / ٦٨ ، بحار الأنوار ٢٢ / ٢٧٤ ، والنّص : «وإنّ للعبّاسِ عند اللّه تبارك وتعالى منزلةً عظيمةً يغبطُهُ بها جميعُ الشُّهداءِ يومَ القيامة».