تَفهَموا. ليلٌ داجٍ ونهارٌ ساجٍ ، والأرضُ مهادٌ والجبالُ أوتادٌ ، والأوّلون كالآخرين ، كلُّ ذلك إلى بلاء ، فصلوا أرحامكم ، وأصلحوا أحوالكم ، فهل رأيتم مَن هلك رجع ، أو ميّتاً نُشر؟ الدّار أمامكم ، والظنّ خلاف ما تقولون. زيّنوا حرمكم وعظّموه ، وتمسّكوا به ولا تفارقوه ، فسيأتي له نبأٌ عظيم ، وسيخرج منه نبيٌّ كريم. ثمّ قال :
نهارٌ وليلٌ واختلافُ حوادثٍ |
|
سواءٌ عَلينا حلوُها ومريرُها |
يؤوبانِ بالأَحداثِ حتّى تأوّبا |
|
وبالنِّعمِ الضافي علينا ستُورُها |
على غفلةٍ يأتِي النّبيُّ محمّدٌ |
|
فيُخبرُ أخباراً صَدُوقاً خبيرُها |
ثمّ قال :
يَاليتني شاهِدٌ فَحْواءَ دعوتهِ |
|
حينَ العشيرةُ تبغي الحقَّ خُذلانا (١) |
ولجلالته وشرفه في قومه ؛ أرّخوا بموته ، ثمّ أرّخوا بعام الفيل ، ثمّ بموت عبد المُطّلب. وهو أوّل مَن سمّى : يوم الجمعة ; لاجتماع قريش فيه ، وكان اسمه في الجاهليّة العَروبة. ولمّا جاء الإسلام أمضاه (٢).
و (كلاب بن مرّة) الجدُّ الثالث لآمنة اُمّ النّبيِّ ، والرابع لأبيه عبد اللّه ، كان معروفاً بالشجاعة ، ونور النّبيِّ صلىاللهعليهوآله لائح في جبهته.
ولا تسل عن سيّد الحرم (قَصي) ، فلقد جمع قومه من منازلهم وأسكنهم أرض مكّة ، وأمرهم بالبناء حول البيت لتهابهم العرب ، فبنَوا حول جوانبه الأربعة ، وجعلوا لهم أبواباً تخصُّهم ؛ فباب لبني شيبة ، وباب لبني جَمح ، وباب لبني مخزوم ، وباب لبني سهم
__________________
(١) السّيرة الحلبيّة ١ / ٢٥ ، السّيرة النّبويّة لابن كثير ١ / ١٦٧.
(٢) السّيرة الحلبيّة ٣ / ١٦٩.