يرى أنّ الأرجح من الجميع ما ذكره هو من الوجه (١) وأكّد عليه أكثر من مرّة ، فقال : «ويمكن الجمع بينهما بوجه آخر ، وهو أنّ مراد السيّد من العلم الذي ادّعاه في صدق الأخبار هو مجرّد الاطمئنان ، فإنّ المحكيّ عنه في تعريف العلم أنّه ما اقتضى سكون النفس ، وهو الذي ادّعى بعض الأخباريّين أنّ مرادنا من العلم بصدور الأخبار هو هذا المعنى ، لا اليقين الذي لا يقبل الاحتمال رأسا.
فمراد الشيخ من تجرّد هذه الأخبار عن القرائن تجرّدها عن القرائن الأربع التي ذكرها أوّلا ، وهي موافقة الكتاب ، والسنّة ، والإجماع ، والدليل العقليّ.
ومراد السيّد من القرائن ـ التي ادّعى في عبارته المتقدّمة (٢) احتفاف أكثر الأخبار بها ـ هي الأمور الموجبة للوثوق بالراوي أو بالرواية ، بمعنى سكون النفس بهما ، وركونها إليهما».
ثمّ قال : «ولعلّ هذا الوجه أحسن وجوه الجمع بين كلامي الشيخ والسيّد ، خصوصا مع ملاحظة تصريح السيّد في كلامه بأنّ أكثر الأخبار متواترة ، أو محفوفة ، وتصريح الشيخ في كلامه المتقدّم بإنكار ذلك». (٣)
هذا ما أفاده الشيخ الأنصاريّ في توجيه كلام هذين العلمين ، ولكنّي لا أحسب أنّ السيّد المرتضى يرتضي بهذا الجمع ؛ لأنّه صرّح في عبارته المنقولة في مقدّمة السرائر بأنّ مراده من العلم القطع الجازم ، قال :
«اعلم أنّه لا بدّ في الأحكام الشرعيّة من طريق يوصل إلى العلم بها ؛ لأنّه متى لم نعلم الحكم ونقطع (٤) بالعلم على أنّه مصلحة ، جوّزنا كونه مفسدة» (٥).
__________________
(١) ذكر المحقّق الآشتيانيّ في حاشيته على الرسائل في هذا الموقع : أنّ هذا الوجه من التوجيه سبقه إليه بعض أفاضل المتأخّرين وهو المحقّق النراقيّ صاحب المناهج ، ونقل نصّ عبارته. * ـ منه قدسسره ـ.
(٢) غرضه من «عبارته المتقدّمة» عبارته التي نقلها في السرائر عن السيّد ، وقد نقلها الشيخ الأعظم في الرسائل ـ منه قدسسره ـ.
(٣) فرائد الأصول ١ : ١٥٦.
(٤) عطف على المجزوم.
(٥) السرائر ١ : ٤٦.
__________________
* بحر الفوائد : ١٦٩.