والاستناد إلى السنّة يتصوّر على وجهين :
١. أن يسمع المجمعون أو بعضهم الحكم من المعصوم مشافهة ، أو يرون فعله ، أو تقريره. وهذا بالنسبة إلى عصرنا لا سبيل فيه حتى إلى الظنّ به ، فضلا عن القطع ، وإن احتمل إمكان مشافهة بعض الأبدال من العلماء للإمام. بل الحال كذلك ، حتى بالنسبة إلى من هم في عصر المعصومين ، أي إنّه لا يحصل القطع فيه لنا بمشافهتهم للمعصوم ؛ لاحتمال أنّهم استندوا إلى رواية وثقوا بها ، وإن كان احتمال المشافهة قريبا جدّا ، بل هي مظنونة.
على أنّه لا مجال ـ بالنسبة إلينا ـ لتحصيل إجماع الفقهاء الموجودين في تلك العصور ؛ إذ ليست آراؤهم مدوّنة ، وكلّ ما دوّنوه هي الأحاديث التي ذكروها في أصولهم المعروفة بالأصول الأربعمائة.
٢. أن يستند المجمعون إلى رواية عن المعصوم. ولا مجال في هذا الإجماع لإفادته القطع بالحكم ، أو كشفه عن الحجّة الشرعيّة من جهة السند ، والدلالة معا.
أمّا : من جهة السند فلاحتمال أنّ المجمعين كانوا متّفقين على اعتبار الخبر الموثّق ، أو الحسن ، فمن لا يرى حجّيّتهما لا مجال له في الاستناد إلى مثله. فمن أين يحصل لنا العلم بأنّهم استندوا إلى ما هو حجّة باتّفاق الجميع؟
وأمّا : من جهة الدلالة فلاحتمال أن يكون ذلك الخبر المفروض ـ لو فرض أنّه حجّة من جهة السند ـ ليس نصّا في الحكم ، ولا ينفع أن يكون ظاهرا عندهم في الحكم ، فإنّ ظهور دليل عند قوم لا يستلزم أن يكون ظاهرا لدى كلّ أحد ، وفهم قوم ليس حجّة على غيرهم. ألا ترى أنّ المتقدّمين اشتهر عندهم استفادة النجاسة من أخبار البئر ، واشتهر عند المتأخّرين عكس ذلك ، ابتداء من العلاّمة الحلّي؟ فلعلّ الخبر الذي كان مدركا لهم ليس ظاهرا عندنا لو اطّلعنا عليه.
إذا عرفت ذلك ظهر لك أنّ الإجماع لا يستلزم القطع بقول المعصوم عدا الإجماع الدخوليّ وهو بالنسبة إلينا غير عمليّ.
وأمّا : القول بأنّ قاعدة اللطف تقتضي أن يكون الإمام موافقا لرأي المجمعين وإن استند المجمعون إلى خبر الواحد الذي ربما لا تثبت لنا حجّيّته من جهة السند أو الدلالة