شرطا ، لتحقّق الإطاعة الواجبة والامتثال اللازم ، على ما مرّ تحقيقه في الوضوء.
فإذا كان بعدم قصد التعيين ، لا يكفي عن أحدهما ، فكيف يكفي عن كليهما؟ فإذا كان عند الفجر يصلّي ركعتين من غير تعيين كونهما فريضة أو نافلة ، كيف يكفي عن كليهما؟
وكذا الحال إذا قال : اغتسل للجنابة ، أو اغتسل ليوم الجمعة ، فإنّ المكلّف لا يفهم من أمريه بالغسل إلّا كونه للجنابة في الأوّل ، وللجمعة في الثاني ، فيكون حالهما حال الفريضة والنافلة في صلاة الفجر ، فالظاهر في فهم العرف عدم التداخل ، وكذا الأصل عندهم ، إلّا أن يثبت التداخل من دليل ، كما ثبت في الوضوء ، فما قال المصنّف من صدق الامتثال وأصالة البراءة إن كان مراده قبل ورود ما يدلّ على التداخل ومع قطع النظر عنه ـ كما هو الظاهر منه ـ ففيه ما فيه.
وممّا ينادي بما ذكرناه ما ورد في الأخبار الدالّة على التداخل ، من قولهم عليهمالسلام : «إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأك عنه غسل واحد» (١) ، فإنّ اجتماع الحقوق صريح في كونه مكلّفا بتكليفات ، وأنّه مطلوب منه مطالب شرعيّة متعدّدة.
وأصرح من ذلك قوله عليهالسلام : «من كلّ غسل يلزمه ذلك اليوم» (٢) لا أنّه لم يطلب منك سوى حقّ واحد وغسل واحد ومطلوب غير متعدّد أصلا ، لأصالة البراءة وصدق الامتثال بفعل واحد.
وينادي به أيضا قوله عليهالسلام : «أجزأ» لأنّ الإجزاء هو أقلّ الواجب.
فيظهر منه أنّ أكثر الواجب هو الإتيان بكلّ واحد واحد من الجميع على حدة على حدة ، كما ستعرف ، وأين هذا من أصالة البراءة وصدق الامتثال عرفا؟
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٤١ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ١ / ١٠٧ الحديث ٢٧٩ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٦١ الحديث ٢١٠٧.
(٢) الكافي : ٣ / ٤١ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٦٣ الحديث ٢١٠٨.