قوله : (أسباب مختلفة). إلى آخره.
اعلم! أنّه من البديهيّات استحالة اجتماع العلّتين المستقلّتين على معلول واحد شخصي.
وأمّا المعرفات ـ وهي العلل للمعروفيّة في الذهن ـ فيجوز اجتماع ما زاد عن الواحد على معرّف واحد ، ولذا يستدلّ بأدلّة كثيرة على مطلوب واحد.
وأمّا الأحكام الشرعيّة ، فغير محال اجتماعها في محلّ واحد ، إذا لم يكن فيها تضادّ.
وكذا الحال في أسباب متعدّدة على سبب واحد ، كما هو الحال في الوضوء فإنّ المكلّف يكفيه وضوء واحد بعد بوله وغائطه وخروج الريح ، الى غير ذلك ، ويعبّر عنه بالتداخل ، وليس بتداخل حقيقة ، لأنّه محال أن يصير شيئان متعدّدان واقعا شيئا واحدا ، بل هو شبيه بالتداخل.
لكن الظاهر والأصل عدم التداخل ، إلّا أن يثبت من إجماع أو خبر ، كما في الوضوء ، بل إجماعه مرادف للضرورة من الدين.
وأمّا الغسل ـ مثلا ـ فلا شكّ في كون الواجب منه متعدّدا ، وكذلك المستحب منه ، وكلّ واحد من المتعددين مطلوب شرعي وعبادة على حدة.
ومرّ أنّ قصد التعيين شرط في النيّة لحصول الامتثال عرفا ، فمن قصد يوم الجمعة في غير شهر رمضان مثلا غسل ليلة ثلاثة وعشرين من شهر رمضان مثلا لم يعد ممتثلا قطعا في فعل غسل الجمعة.
وقس على هذا سائر الأغسال ، مثلا الجنب إذا اغتسل غسل مسّ الميّت ولم يكن عليه غسل المسّ لم يعد ممتثلا ، أو الجنب من الذكور اغتسل غسل الحيض أو النفاس أو الاستحاضة. إلى غير ذلك ممّا لا شبهة فيه ، فإذا كان قصد التعيين